للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيِّدِنا عُمرَ أنه قالَ: «الدِّيةُ عَشرةُ آلافِ دِرهمٍ» بمَحضرٍ مِنْ الصَّحابةِ ، ولم يُنقَلْ أنه أنكَرَ عليهِ أحَدٌ فيكونُ إجماعًا، مع ما أنَّ المَقاديرَ لا تُعرَفُ إلا سَماعًا، فالظاهِرُ أنه سَمعَ مِنْ رَسولِ اللهِ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ في القَديمِ والحَنابلةُ إلى أنها تكونُ اثنَي عشَرَ ألفَ دِرهمِ فِضةٍ مِنْ دَراهمِ الإسلامِ التي كلُّ عَشرةِ دَراهمَ مِنها سَبعةُ مَثاقيلَ؛ لِما رواهُ عَمرُو بنُ شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّهِ قالَ: «كانَتْ قِيمةُ الدِّيةِ على عَهدِ رَسولِ اللهِ ثَمانِمائةِ دِينارٍ أو ثَمانيةَ آلافِ دِرهمٍ، ودِيةُ أهلِ الكِتابِ يَومئذٍ النِّصفُ مِنْ دِيةِ المُسلمينَ، قالَ: فكانَ ذلكَ كذلكَ حتى استُخلِفَ عُمرُ ، فقامَ خَطيبًا فقالَ: ألَا إنَّ الإبلَ قد غَلَتْ، قالَ: ففرَضَها عُمرُ على أهلِ الذَّهبِ ألفَ دِينارٍ، وعلى أهلِ الوَرِقِ اثنَي عشَرَ ألفًا، وعلى أهلِ البَقرِ مِائتَي بَقرةٍ، وعلى أهلِ الشاءِ ألفَي شاةٍ، وعلى أهلِ الحُلَلِ مِائتَي حُلَّةٍ، قالَ: وترَكَ دِيةَ أهلِ الذِّمةِ لم يَرفَعْها فيما رفَعَ مِنْ الدِّية» (٢)، فعُمرُ قوَّمَ الدِّيةَ على أهلِ الذَّهبِ ألفَ دِينارٍ وعلى أهلِ الوَرقِ اثنَي عشَرَ ألفًا، ولم يُخالِفْ عليهِ أحَدٌ، ولأنه نَوعُ مالٍ يَجوزُ إخراجُه في الدِّيةِ، فكانَ أصلًا بنَفسِه كالإبلِ، ولأنَّ الدِّيةَ معنًى جُعلَتِ الإبلُ فيه أصلًا، فكانَ الذهبُ والوَرقُ فيه أصلًا كالزَّكاةِ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٥٤)، و «الاختيار» (٥/ ٤٥)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٣٣)، و «اللباب» (٢/ ٢٥٥).
(٢) حَسَنٌ: رواه أبو داود (٤٥٤٢).
(٣) «الموطأ» (٢/ ٨٥٦)، و «التمهيد» (١٧/ ٣٤٥، ٣٤٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ١١٦)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٦٥)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٠)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>