للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثَّاني: لا يَجوزُ الاستِعانةُ على البُغاةِ بأهلِ الشِّركِ، وهو قَولُ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ والظاهِريةِ؛ لأنَّ القَصدَ كفُّهم لا قَتلُهم، والكفَّارُ لا يَقصدونَ إلا قتْلَهم (١).

قالَ المالِكيةُ: يَمتازُ قِتالُ البُغاةِ عن قِتالِ الكفَّارِ بأحَدَ عَشرَ وَجهًا: أنْ يُقصدَ بالقتالِ رَدعُهم لا قَتلُهم، وأنْ يُكَفَّ عن مُدبرِهم، ولا يُجهزَ على جَريحِهم، ولا تُقتلَ أسراهُم، ولا تُغنَمَ أموالُهم، ولا تُسبَى ذَرارِيهم، ولا يُستعانُ عليهِم بمُشرِكٍ، ولا يُوادِعَهم على مالٍ، ولا تُنصبَ عليهِم الرَّعَّاداتُ، ولا تُحرقَ مَساكنُهم، ولا يُقطعَ شَجرُهم (٢).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : أما الاستِعانةُ بأهلِ العَهدِ والذمةِ في قتالِ أهلِ البغيِ فلا يَجوزُ بحالٍ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١].

ولقَولِ النبيِّ : «الإسلامُ يَعلُو ولا يُعلَى»، ولأنهم غيرُ مَأمونينَ على نُفوسِهم وحَريمِهم؛ لِما يَعتقدونَه دِينًا مِنْ إباحةِ دِمائِهم وأموالِهم التي أوجَبَ اللهُ تعالَى حظْرَها وأمَرَ بالمنعِ منها.


(١) «الذخيرة» (١٢/ ٩)، و «القوانين الفقهية» ص (٣٩٣)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٦/ ٢٧٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣١٢)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١٠/ ٢٠٥)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ١٢٩)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٤٨٣)، و «المغني» (٩/ ٧)، و «المحلى» (١١/ ١١٣، ١١٤).
(٢) «الذخيرة» (١٢/ ٩)، و «القوانين الفقهية» ص (٣٩٣)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٦/ ٢٧٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣١٢)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١٠/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>