للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الأوَّلُ: أنه يَجوزُ الاستِعانةُ بهم بشَرطِ ألا يَكونَ حُكمُ أهلِ الشِّركِ هو الظاهِرَ، وهو قَولُ الحَنفيةِ.

قالَ الإمامُ السَّرخسيُّ : وإنْ ظهَرَ أهلُ البَغيِ على أهلِ العَدلِ حتى ألجَؤُوهم إلى دارِ الشِّركِ فلا يَحلُّ لهم أنْ يُقاتِلوا مع المُشركينَ أهلَ البغيِ؛ لأنَّ حُكمَ أهلِ الشِّركِ ظاهرٌ عليهِم، ولا يَحلُّ لهم أنْ يَستعينُوا بأهلِ الشِّركِ على أهلِ البغيِ مِنْ المُسلمينَ إذا كانَ حُكمُ أهلِ الشِّركِ هو الظاهرَ.

ولا بأسَ بأنْ يَستعينَ أهلُ العَدلِ بقَومٍ مِنْ أهلِ البغيِ وأهلِ الذمَّةِ على الخَوارجِ إذا كانَ حُكمُ أهلِ العَدلِ ظاهرًا؛ لأنهُم يقاتِلونَ لإعزازِ الدِّينِ، والاستِعانةُ عليهِم بقَومٍ منهم أو مِنْ أهلِ الذِّمةِ كالاستِعانةِ عليهِم بالكِلابِ (١).

ومثلُه قالَه الكَمالُ بنُ الهُمامِ : ولو ظهَرَ أهلُ البَغيِ على أهلِ العَدلِ فألجَأوهُم إلى دارِ الشِّركِ لم يَحلُّ لهم أنْ يُقاتِلوا البُغاةَ مع أهلِ الشِّركِ؛ لأنَّ حُكمَ أهلِ الشِّركِ ظاهرٌ عليهِم، ولا يَحلُّ لهم أنْ يَستعينوا بأهلِ الشركِ على أهلِ البغيِ إذا كانَ حُكمُ أهلِ الشِّركِ هو الظاهِرَ.

ولا بأسَ بأنْ يَستعينَ أهلُ العَدلِ بالبُغاةِ والذِّميينَ على الخوارجِ إذا كانَ حُكمُ أهلِ العَدلِ هو الظاهرَ؛ لأنهم يُقاتِلونَ لإعزازِ الدِّينِ، والاستعانةُ عليهِم بقَومٍ منهُم أو مِنْ أهلِ الذِّمةِ كالاستعانةِ عليهِم بالكِلابِ (٢).


(١) «المبسوط» (١٠/ ١٣٣، ١٣٤).
(٢) «شرح فتح القدير» (٦/ ١٠٩)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>