للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألزَمَهما حُكمَه، ومَن امتنَعَ منهما أجبَرَه على قَبولِ حُكمِه وأخذِه به؛ لأنَّه إنَّما دخَلَ في العَهدِ بشَرطِ التِزامِ أحكامِ الإسلامِ، قالَ أحمدُ: لا يُبحَثُ عن أمرِهم ولا يُسألُ عن أمرِهم إلا أنْ يأتوهم؛ فإنِ ارتفَعوا إلينا أقَمْنا عليهم الحَدَّ على ما فعَلَ النَّبيُّ ، وقالَ أيضًا: حُكمُنا يَلزمُهم وحُكمُنا جائِزٌ على جَميعِ المِللِ، ولا يَدعوهما الحاكِمُ؛ فإنْ جاؤُوا حَكَمنا بحُكمِنا.

إذا ثبَتَ هذا؛ فإنَّه إذا رُفعَ إلى الحاكمِ من أهلِ الذِّمةِ مَنْ فعَلَ مُحرَّمًا يُوجِبُ عُقوبةً ممَّا هو مُحرَّمٌ عليهم في دِينِهم؛ كالزِّنا والسَّرقةِ والقَذفِ والقَتلِ، فعليه إقامةُ حَدِّه عليه؛ فإنْ كانَ زِنًا جُلِد إنْ كانَ بِكرًا وغُرِّب عامًا، وإنْ كانَ مُحصَنًا رُجِم لما رَوى ابنُ عُمرَ: «أنَّ النَّبيَّ أُتي بيَهودِيَّينِ، فَجَرا بعدَ إِحصانِهما، فأمَرَ بهما فرُجِما».

وعن ابنِ عُمرَ: أنَّ اليَهودَ جاؤوا إلى النَّبيِّ فقالُوا له: «إنَّ رَجلًا منهم وامرأةً زَنيا، فقالَ رَسولُ اللهِ : «ما تَجِدونَ في التَّوراةِ في شأنِ الرَّجمِ؟»، فقالُوا: نَفضَحُهم ويُجلَدونَ، قالَ عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ: كَذبتُم، إنَّ فيها الرَّجمَ. فأتَوْا بالتَّوراةِ فنَشَروها، فوضَعَ أحدُهم يَدَه على آيةِ الرَّجمِ، فقَرأَ ما قبلَها وما بَعدَها، فقالَ عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ: ارفَعَ يَدَك. فرفَعَ يَدَه، فإذا فيها آيةُ الرَّجمِ، فقالُوا: صدَقَ يا مُحمدُ، فيها آيةُ الرَّجمِ، فأمَرَ بهما رَسولُ اللهِ فرُجِما» مُتَّفقٌ عليه (١).

ورَوى أنَسٌ «أنَّ يَهوديًّا قتَلَ جاريةً على أَوضاحٍ لها بحَجرٍ، فقتَله


(١) رواه البخاري (٣٤٣٦)، ومسلم (١٦٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>