للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسولُ اللهِ بينَ حَجَرينِ» مُتَّفقٌ عليه (١)، وإنْ كانَ يَعتقِدُ إِباحتَه كشُربِ الخَمرِ لمْ يُحَدَّ؛ لأنَّه لا يَعتقِدُ تَحريمَه، فلمْ يَلزمْه عُقوبَتُه كالكافرِ، وإنْ تظاهَر به عُزِّر؛ لأنَّه أظهَرَ مُنكَرًا في دارِ الإسلامِ، فعُزِّرَ عليه كالمُسلمِ.

وإنْ تحاكَمَ مُسلمٌ وذِمِّيٌّ وجَبَ الحُكمُ بينَهما بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّه يَجبُ دَفعُ ظُلمِ كلِّ واحِدٍ منهما عن صاحِبِه (٢).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا الحُكمُ على الذِّميِّ؛ فإنَّ في ذلك ثَلاثةَ أقوالٍ:

أحدُها: أنَّه يَقضي بينَهم إذا تَرافَعوا إليه بحُكمِ المُسلِمينَ، وهو مَذهبُ أبي حَنيفةَ.

والثانِي: أنَّه مُخيَّرٌ وبه قالَ مالِكٌ، وعن الشافِعيِّ القَولانِ.

والثالِثُ: أنَّه واجِبٌ على الإمامِ أنْ يَحكُمَ بينَهم وإنْ لمْ يَتحاكَموا إليه.

فعُمدةُ مَنْ اشترَط مَجيئَهم للحاكِمِ قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [المائدة: ٤٢]. وبهذا تَمسَّكَ من رأى الخيارَ، ومَن أَوجبَه اعتمَدَ قَولَ اللهِ تَعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩]، ورأى أنَّ هذا ناسِخٌ لآيةِ التَّخييرِ.

وأمَّا مَنْ رَأى وُجوبَ الحُكمِ عليهم وإنْ لمْ يَترافَعوا؛ فإنَّه احتَجَّ بإِجماعِهم على أنَّ الذِّميَّ إذا سرَقَ قُطِعت يَدُه (٣).


(١) رواه البخاري في «صحيحه» (٦٤٨٥)، ومسلم (١٦٧٢).
(٢) «المغني» (١٢/ ٢٠٤، ٢٠٥)، و «الكافي» (٤/ ٣٦٥)، و «المبدع» (٣/ ٤٢٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٦٦٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٤٠).
(٣) «بداية المجتهد» (٢/ ٦٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>