للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمِن ذلك ما يَفعلُه كَثيرٌ من الناسِ في أَثناءِ الشِّتاءِ في أَثناءِ كانَونَ الأولِ لأربَعٍ وعِشرينَ خلَت منه، ويَزعُمونَ أنَّه ميلادُ عيسى ، فجَميعُ ما يَحدثُ فيه هو من المُنكَراتِ مِثلَ إِيقادِ النِّيرانِ وإِحداثِ طَعامٍ واصطِناعِ شَمعٍ وغيرِ ذلك؛ فإنَّ اتِّخاذَ هذا المِيلادِ عيدًا هو دِينُ النَّصارى وليسَ لذلك أصلٌ في دِينِ الإِسلامِ ولم يَكنْ لهذا الميلادِ ذِكرٌ أصلًا على عَهدِ السَّلفِ الماضِينَ، بل أَصلُه مَأخوذٌ عن النَّصارى، وانضَمَّ إليه سَببٌ طَبيعيٌّ وهو كَونُه في الشِّتاءِ المُناسبِ لإيقادِ النِّيرانِ ولأنواعٍ مَخصوصةٍ من الأطعِمةِ.

ثم إنَّ النَّصارى تَزعُمُ أنَّه بعدَ الميلادِ بأَيامٍ -أظُنُّها أحَدَ عَشرَ يَومًا- عمَّدَ يَحيى عيسى في ماءِ المَعموديةِ، فهُم يَتعمَّدونَ في هذا الوَقتِ ويُسمُّونَه عيدَ الغِطاسِ، وقد صارَ كَثيرٌ من جُهَّالِ النِّساءِ يُدخِلنَ أولادَهُنَّ إلى الحَمَّامِ في هذا الوَقتِ ويَزعُمْنَ أنَّ هذا يَنفعُ الوَلدَ، وهذا من دِينِ النَّصارى، وهو من أقبَحِ المُنكَراتِ المُحرَّمةِ، وكذلك أعيادُ الفُرسِ مِثلَ النَّيروزِ والمِهرجانِ، وكذلك أعيادُ اليَهودِ أو غيرِهم من أنواعِ الكُفارِ أو الأعاجمِ والأعرابِ، حُكمُها كلُّها على ما ذكَرْناه من قَبلُ، وكما لا يُتشبَّهُ بهم في الأعيادِ لا يُعانُ المُسلِمُ المُتشبِّهُ بهم في ذلك، بل يُنهى عن ذلك، فمنَ صنَعَ دَعوةً مُخالِفةً للعادةِ في أَعيادِهم لم تَجِبْ إجابةُ دَعوتِه.

ومَن أَهدَى للمُسلِمينَ هَديةً في هذه الأَعيادِ مُخالِفةً للعادةِ في سائرِ الأَوقاتِ غيرِ هذا العَيدِ لمْ تُقبَلْ هَديَّتُه خُصوصًا إنْ كانَت الهَديةُ ممَّا يُستعانُ بها على التَّشبُّهِ بهم في مِثلِ إِهداءِ الشَّمعِ ونَحوِه في الميلادِ أو إهداءِ البَيضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>