للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صرَّحَ الشافِعيةُ بأنَّ الجِزيةَ تَسقُطُ عن أهلِ الذِّمةِ إذا لمْ تَتمكَّنِ الدَّولةُ من حِمايةِ الذِّميِّينِ؛ لأنَّهم بذَلوا الجِزيةَ لحِفظِهم وحِفظِ أموالِهم؛ فإنْ لمْ تَدفَعِ الدَّولةُ عنهم لم تَجِبِ الجِزيةُ عليهم؛ لأنَّ الجِزيةَ للحِفظِ وذلك لمْ يُوجَدْ، فلم يَجبْ ما في مُقابَلتِه، كما لا تَجِبُ الأُجرةُ إذا لم يُوجَدَ التَّمكينُ من المَنفَعةِ.

قالَ الإمامُ الشِّيرازيُّ : فَصلٌ: ويَجبُ على الإمامِ الذَّبُّ عنهم، ومَنعُ مَنْ يَقصِدُهم من المُسلِمينَ والكُفارِ، واستِنقاذُ مَنْ أُسرَ، منهم واستِرجاعُ ما أُخذَ من أموالِهم، سَواءٌ كانُوا مع المُسلِمينَ أو كانُوا مُنفرِدينَ عنهم في بَلدٍ لهم؛ لأنَّهم بذَلوا الجِزيةَ لحِفظِهم وحِفظِ أموالِهم.

فإنْ لم يَدفَعْ عنهم حتى مَضى حَولٌ لم تَجِبِ الجِزيةُ عليهم؛ لأنَّ الجِزيةَ للحِفظِ، وذلك لم يُوجَدَ فلم يَجبْ ما في مُقابَلتِه كما لا تَجِبُ الأُجرةُ إذا لم يُوجَدَ التَّمكينُ من المَنفَعةِ (١).

ولم أجِدْ لغيرِ الشافِعيةِ تَصريحًا بالسُّقوطِ إذا لم تَحصُلِ الحِمايةُ مع قَولِهم جَميعًا بوُجوبِ الحِمايةِ.

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : ويُلتزَمُ لهم -يَعني أهلَ الذِّمةِ- ببَذلِ الجِزيةِ حَقانِ:

أحدُهما: الكَفُّ عنهم.

والآخَرُ: الحِمايةُ لهم؛ ليَكونوا بالكَفِّ آمِنينَ، وبالحِمايةِ مَحروسينَ (٢).


(١) «المهذب» (٢/ ٢٥٥).
(٢) «الأحكام السلطانية» ص (١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>