للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الجِزيةَ لا تَسقُطُ بالمَوتِ إذا حصَلَ بعدَ انتِهاءِ الحَولِ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : لأنَّه دَينٌ وجَبَ عليه في حَياتِه فلم يَسقُطْ بمَوتِه كدُيونِ الآدَميِّينَ، والحَدُّ يَسقُطُ بفَواتِ محَلِّه وتَعذُّرِ استِيفائِه بخِلافِ الجِزيةِ، وفارَقَ الإسلامَ؛ فإنَّه الأصلُ، والجِزيةُ بَدلٌ عنه، فإذا أُتي بالأصلِ استُغنيَ عن البَدلِ، كمَن وجَدَ الماءَ لا يَحتاجُ معه إلى التَّيمُّمِ بخِلافِ المَوتِ، ولأنَّ الإسلامَ قُربةٌ وطاعةٌ يَصلُحُ أنْ يَكونَ مَعاذًا من الجِزيةِ كما ذكَرَ عُمرُ والمَوتُ بخِلافِه (٢).

أمَّا إذا ماتَ في أثناءِ الحَولِ، فتَسقُطُ عنه عندَ الحَنابِلةِ والشافِعيةِ في قَولٍ؛ لأنَّها لا تَجِبُ ولا تُؤخذُ قبلَ كَمالِ الحَولِ، والمُعتمَدُ عندَ الشافِعيةِ أنَّها لا تَسقُطُ وتُؤخذُ من تَرِكتِه بقِسطِ ما مَضى من الحَولِ.

قالَ النَّوويُّ : ولو ماتَ أو أسلَمَ في أثناءِ السَّنةِ فهل يَجبُ قِسطُ ما مَضى كالأُجرةِ أو لا يَجبُ شَيءٌ كالزَّكاةِ؟ قَولانِ: أظهَرُهما: الأولُ، وقيلَ: تَجِبُ قَطعًا، وقيلَ عَكسُه، وقيلَ: لا تَجِبُ في المَوتِ، وفي الإسلامِ القَولانِ (٣).


(١) «روضة الطالبين» (١٠/ ٣١٢)، و «الأحكام السلطانية» للماوردي ص (١٤٥)، و «المغني» (١٢/ ٦٧٦)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٢٨)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٢٨).
(٢) «المغني» (١٢/ ٦٧٦).
(٣) «روضة الطالبين» (١٠/ ٣١٢)، وانظر: «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>