للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القَيمِ : فإنْ ماتَ الكافِرُ في أثناءِ الحَولِ سقَطَت عنه ولم تُؤخَذْ بقَدرِ ما أدرَكَ منه، وإنْ ماتَ بعدَ الحَولِ، ذهَبَ الشافِعيُّ إلى أنَّها لا تَسقُطُ وتُؤخذُ من تَرِكتِه وهو ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ.

وقالَ أبو حَنيفةَ : تَسقُطُ بالمَوتِ وحَكاه أبو الخَطابِ عن شَيخِه القاضي.

قالَ أبو عُبيدٍ : وأمَّا مَوتُ الذِّميِّ في آخِرِ السَّنةِ فقد اختُلِف فيه، فحدَّثَنا سَعيدُ بنُ عُفَيرٍ عن عبدِ اللهِ بنِ لهيعةَ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ جُنادةَ كاتِبِ حَيَّانَ بنِ شُرَيجٍ، وكانَ حَيَّانُ بنُ شُرَيجٍ بعَثَ إلى عُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ وكتَبَ إليه يَستَفتيه أيَجعَلَ جِزيةَ مَوتى القِبطِ على أحيائِهم؟ فسأَلَ عُمرُ عن ذلك عِراكَ بنَ مالِكٍ -وعبدُ الرَّحمنِ يَسمَعُ- فقالَ: ما سَمِعتُ لهم بعَقدٍ ولا عَهدٍ، إنَّما أُخِذوا عَنوةً بمَنزِلةِ الصَّيدِ، فكتَبَ عُمرُ إلى حَيَّانَ بنِ شُرَيجٍ يَأمُره أنْ يَجعلَ جِزيةَ الأمواتِ على الأحياءِ، وكانَ حَيَّانُ واليَه على مِصرَ.

قالَ: وقد رُوي من وَجهٍ آخَر عن مَعقِلِ بنِ عُبَيدِ اللهِ عن عُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ أنَّه قالَ: ليسَ على من ماتَ ولا مَنْ أبَقَ جِزيةٌ، يَقولُ: لا تُؤخذُ من وَرثَتِه بعدَ مَوتِه ولا يَجعَلُها بمَنزِلةِ الدَّينِ ولا تُؤخذُ من أهلِه إذا هرَبَ عنهم منها؛ لأنَّهم لمْ يَكونوا ضامِنينَ لذلك.

قالَ الآخِذونَ لها: هي دَينٌ وجَبَ عليه في حَياتِه فلم يَسقُطْ بمَوتِه كدُيونِ الآدَميِّينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>