للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة: ٢٢] وقَولُه: ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة: ٥١] وقَولُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [u: ١] وقالَ: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٧١].

واعلَمْ أنَّ كَونَ المُؤمِنِ مُوالِيًا للكافِرِ يَحتمِلُ ثَلاثةَ أوجُهٍ:

أحَدُها: أنْ يَكونَ راضِيًا بكُفرِه ويَتولَّاه لأجلِه، وهذا مَمنوعٌ منه؛ لأنَّ كلَّ مَنْ فعَلَ ذلك كانَ مُصوِّبًا له في ذلك الدِّينِ، فتَصويبُ الكُفرِ كُفرٌ، والرِّضا بالكُفرِ كُفرٌ، فيَستحيلُ أنْ يَبقى مُؤمِنًا مع كَونِه بهذه الصِّفةِ.

فإنْ قيلَ: أليسَ اللهُ تَعالى قالَ: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ [آل عمران: ٢٨] وهذا لا يُوجِبُ الكُفرَ فلا يَكونُ داخِلًا تحتَ هذه الآيةِ؛ لأنَّه تَعالى قالَ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [محمد: ٣] فلا بدَّ أنْ يَكونَ خِطابًا في شَيءٍ يَبقى المُؤمِنُ معه مُؤمِنًا.

وثانيها: المُعاشَرةُ الجَميلةُ في الدُّنيا بحسَبِ الظاهِرِ، وذلك غيرُ مَمنوعٍ منه.

والوَجهُ الثالِثُ: وهو كالمُتوسِّطِ بينَ القِسمَينِ الأوَّلَينِ هو أنَّ مُوالاةَ الكُفارِ، بمَعنى الرُّكونِ إليهم والمَعونةِ والمُظاهَرةِ والنُّصرةِ إمَّا بسَببِ القَرابةِ أو بسَببِ المَحبةِ مع اعتِقادِ أنَّ دينَه باطِلٌ؛ فهذا لا يُوجِبُ الكُفرَ إلا أنَّه مَنهيٌّ عنه؛ لأنَّ المُوالاةَ بهذا المَعنى قد تَجُرُّه إلى استِحسانِ طَريقَتِه والرِّضا بدِينِه، وذلك يُخرِجُه عن الإسلامِ، فلا جرَمَ هَدَّد اللهُ تَعالى فيه فقالَ: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ [آل عمران: ٢٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>