للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: ومَعنى كَلامِ أحمدَ (أنَّه بينَ الغَنيِّ والفَقيرِ) يَعني الغَنيَّ الذي فيه مَصلَحةُ المُسلِمينَ من المُجاهِدينَ والقُضاةِ والفُقهاءِ، ويُحتمَلُ أنْ يَكونَ معنى كَلامِه أنَّ لجَميعِ المُسلِمينَ الانتِفاعَ بذلك المالِ لكَونِه يُصرَفُ إلى مَنْ يَعودُ نَفعُه على جَميعِ المُسلِمينَ، وكذلك يَنتفِعونَ بالعُبورِ على القَناطِرِ والجُسورِ المَعقودةِ بذلك المالِ وبالأنهارِ والطُّرُقاتِ التي أُصلِحت به.

وسياقُ كَلامِه يَدلُّ على أنَّه ليسَ مُختَصًّا بالجُندِ، وإنَّما هو مَصروفٌ في مَصالحِ المُسلِمينَ، لكنْ يَبدأُ بجُندِ المُسلِمينَ؛ لأنَّهم أهَمُّ المَصالحِ لكَونِهم يَحفَظونَ المُسلِمينَ فيُعطَونَ كِفاياتِهم، فما فضَلَ قُدِّمَ الأهَمُّ فالأهَمُّ من عِمارةِ الثُّغورِ وكِفايَتِها، فالأسلِحةُ والكُراعُ وما يُحتاجُ إليه، ثم الأهَمُّ فالأهَمُّ من عِمارةِ المَساجِدِ والقَناطِرِ وإصلاحِ الطُّرُقِ وكِراءِ الأنهارِ وسَدِّ بُثوقِها وأرزاقِ القُضاةِ والأئِمةِ والمُؤذِّنين والفُقهاءِ ونَحوِ ذلك ممَّا للمُسلِمينَ فيه نَفعٌ.

ولِلشافِعيِّ قَولانِ كنَحوٍ ممَّا ذكَرْنا (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : وأمَّا مَصرِفُه -أي: الفَيءِ- بعدَ مَوتِه -أي: النَّبيِّ فقد اتَّفقَ العُلماءُ على أنْ يُصرَفَ منه أرزاقُ الجُندِ المُقاتِلينَ الذين يُقاتِلونَ الكُفارَ؛ فإنَّ تَقويَتَهم تُذِلُّ الكُفارَ، فيُؤخَذُ منهم الفَيءُ.


(١) «المغني» (٦/ ٣١٩، ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>