للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختَلفَ الفُقهاءُ في الفَيءِ هل يُخمَّسُ أو لا؟

فذهَبَ عامةُ أهلِ العِلمِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ -وهو ما رجَّحَه القاضي من رِوايتَينِ عن أحمدَ- وغيرِهم إلى أنَّ الفَيءَ لا يُخمَّسُ، ومَحلُّه بَيتُ مالِ المُسلِمينَ، ويَصرِفُه الإمامُ باجتِهادِه في مَصالحِ المُسلِمينَ كسَدِّ الثُّغورِ وبِناءِ القَناطِرِ والجُسورِ، وكِفايةِ العُلماءِ والمُتعلِّمين والقُضاةِ والعُمَّالِ، ورِزقِ المُقاتِلةِ وذَراريِّهم.

وقالَ المالِكيةُ: يَبدأُ بآلِ النَّبيِّ نَدبًا.

وقالَ الشافِعيةُ في الأظهَرِ، وهو ما رجَّحَه الخِرقيُّ من رِوايتَي أحمدَ: يُخمَّسُ الفَيءُ، وخُمسُه لأصحابِ خُمسِ الغَنيمةِ -وقد تَقدَّمَ بَيانُهم- والأَخماسُ الأربَعةُ للمُرتَزقةِ، وهُم الأجنادُ المُرصَدونَ للجِهادِ.

ومُقابِلُ الأظهَرِ عندَ الشافِعيةِ: أنَّها تُصرَفُ في مَصالحِ المُسلِمينَ ولا يَختصُّ بها المُرتَزقةُ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وذكَرَ القاضي أنَّ أهلَ الفَيءِ هُمْ مِنْ أهلِ الجِهادِ من المُرابِطينَ في الثُّغورِ وجُندِ المُسلِمينَ ومَن يَقومُ بمَصالحهم؛ لأنَّ ذلك كانَ للنَّبيِّ في حَياتِه لحُصولِ النُّصرةِ والمَصلَحةِ به، فلمَّا ماتَ صارَت للجُندِ وما يَحتاجُ إليه المُسلِمونَ، فصارَ ذلك لهم دونَ غيرِهم، وأمَّا الأعرابُ ونَحوُهم ممَّن لا يُعِدُّ نَفسَه للجِهادِ فلا حَقَّ لهم فيه، والذين يَغزونَ إذا نَشِطوا يُعطَوْن من سَهمِ سَبيلِ اللهِ من الصَّدقةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>