وجُملةُ قَولِ مالِكٍ، والشافِعيِّ، وأبي حَنيفةَ، والثَّوريِّ، والأَوزاعيِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ: أنَّه لا بأسَ أنْ يُؤكَلَ الطَّعامُ والعَلفُ في دارِ الحَربِ بغيرِ إذنِ الإمامِ، وكذلك ذَبحُ الأنعامِ للأكلِ، وهو قَولُ أحمدَ، وإسحاقَ، وأبي عُبيدٍ، وأبي ثَورٍ.
وكانَ ابنُ شِهابٍ لا يَرى ذلك إلا بإذنِ الإمامِ. قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀:«لا أعلَمُ أحَدًا قالَه غيرُه».
فأمَّا أنْ يُخرِجَ أحَدٌ من ذلك شَيئًا إلى أرضِ الإسلامِ، فجُمهورُ العُلماءِ كَرِهوا ذلك، إذا كانَ لذلك الطَّعامِ قِيمةٌ، أو كانَت للناسِ فيه هناك رَغبةٌ، وحَكَموا له بحُكمِ الغَنميةِ، فمَن أخرَجَ شَيئًا من ذلك رَدَّه إلى المُقاسِم إنْ أمكَنَه، وإلا باعَه وتَصدَّقَ بثَمَنِه.
وخالَفَ في ذلك الأَوزاعيُّ، فجعَلَ ما أخرَجَه من ذلك إلى دارِ الإسلامِ، فهو له أيضًا (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: أجمَعَ أهلُ العِلمِ إلا مَنْ شَذَّ منهم على أنَّ للغُزاةِ إذا دخَلوا أرضَ الحَربِ أنْ يَأكُلوا ممَّا وجَدوا من الطَّعامِ ويَعلِفوا دَوابَّهم من أَعلافِهم، منهم سَعيدُ بنُ المُسيِّبِ وعَطاءٌ والحَسنُ والشَّعبيُّ والقاسِمُ وسالِمٌ والثَّوريُّ والأَوزاعيُّ ومالِكٌ والشافِعيُّ وأصحابُ الرأيِ،
(١) «الاستذكار» (٥/ ٥٢)، وانظر: «الإنجاد في أبواب الجِهاد» ص (٣٤٩) وما بعدها، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٥٢)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٨٨)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٩٨)، و «مغني المحتاج» (٦٤٥، ٦٤٤)، و «أسنى المطالب» (٤/ ١٩٧)، و «المبدع» (٤/ ١٩٧).