والثانِي: ما كانَ على حُكمِ الأصلِ قبلَ أنْ يَحوزوه بالتَّملُّكِ، نَحوَ ما يَقذِفُ به البَحرُ من العَنبَرِ وغيرِه، وما يُوجَدَ من الجَواهِرِ والأَحجارِ في أرضِهم، ونَحوَ الخَشَبِ والصَّيدِ وغيرِ ذلك.
فأمَّا الضَّربُ الأولُ -وهو ما تَقدَّمَ عليه مِلكُ الكُفارِ- فنَوعانِ: طَعامٌ، وما يَكونُ له حُكمُ الطَّعامِ: من العَلوفةِ، والأنعامِ التي تُذبَحُ، وما أشبَهَ ذلك ممَّا تَدعو الجَيشَ حاجةٌ في الغالِبِ إليه.
والنَّوعُ الثانِي: سائِرُ الأموالِ ممَّا عَدا ذلك، وهذا النَّوعُ لا يَحتاجُ إلى بَيانٍ، فهو ممَّا يَستحِقُّ قَسْمَه باتِّفاقٍ، ويَحرُمُ أخذُ شَيءٍ منه قبلَ القَسْمِ بلا خِلافٍ.
وأمَّا نَوعُ الطَّعامِ، فالتَّبسُّطُ فيه بالأكلِ، والارتِفاقُ للغِنيِّ والفَقيرِ من الغُزاةِ جائِزٌ، وذلك بشَرطَيْن:
أحدُهما: الاقتِصارُ بذلك على دارِ الحَربِ.
والثانِي: أَخذُ قَدرِ الحاجةِ هناك دونَ ما زادَ.
لِما أخرَجَه البُخاريُّ (١)، عن ابنِ عُمرَ قالَ:«كُنَّا نُصِيبُ في مَغازينا العَسلَ والعِنبَ فنأكُلُه ولا نَرفَعُه».
قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀: أجمَعَ جُمهورُ عُلماءِ المُسلِمينَ على إباحةِ أكلِ الطَّعامِ إذا كانَ للحَربيِّينَ ما دامَ المُسلِمونَ في أرضِ الحَربِ، يأخُذونَ منه قَدرَ حاجَتِهم.