للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(على الرَّاجحِ كإمامٍ) يَجوزُ له القَطعُ على إحدى الرِّوايَتَينِ، والرِّوايةُ الأُخرى يُندَب كالفَذِّ، وإذا قطعَ فهل يَقطعُ مَأمومُه أو يَستخلِفُ؟ قَولانِ (١).

لكن قال ابنُ عَبد البرِّ : واختَلفَ أصحابُنا وغيرُهم فيمَن ذكرَ الوِترَ في صَلاةِ الصُّبحِ، واختَلفَ في ذلك أيضًا قولُ مالِكٍ على قولَينِ:

فقالَ مرَّةً: يَقطعُ ويُصلِّي الوِترَ، واختارَه ابنُ القاسِمِ، فضارَعَ في ذلك قولَ أبي حَنيفةَ في إيجابِ الوِترِ.

ومرَّةً قال: لا يَقطعُ، ويَتمادَى في صَلاةِ الصُّبحِ، ولا شَيءَ عليه، ولا يُعيدُ الوِترَ، وهو قولُ الشافِعيِّ والجُمهورِ مِنْ العُلماءِ، وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ القَطعَ لِمَنْ ذكرَ الصَّلاةَ وهو في صَلاةٍ لم يكن مِنْ أجلِ شَيءٍ غيرِ التَّرتيبِ في صَلاةِ اليَومِ، ومَعلومٌ أنَّه لا رُتبةَ بينَ الوِترِ وصَلاةِ الصُّبحِ؛ لأنَّه ليس مِنْ جِنسِها، وإنَّما الرُّتبَةُ في المَكتوباتِ، لا في النَّوافِلِ مِنْ الصَّلواتِ.

وما أعلَمُ أحَدًا قال: يَقطعُ صَلاةَ الصُّبحِ لِمَنْ ذكرَ فيها أنَّه لم يُوتِر، إلا أبا حَنيفةَ وابنَ القاسِمِ.

وأمَّا مالِكٌ فالصَّحيحُ عنه أنه لا يَقطعُها، وقد قال أبو ثَورٍ ومُحمدٌ: لا يَقطعُ، وهو قولُ جُمهورِ أصحابِنا، وتَحصيلُ مَذهبِنا، ولَولَا إيجابُ أبي حَنيفةَ الوِترَ ما رَأى القَطعَ، واللهُ أعلَمُ.

فإن قِيلَ: إنَّما أمرَ بقَطعِ صَلاةِ الصُّبحِ للوِترِ؛ لأنَّ الوِترَ لا يُقضَى، ولا


(١) «الشرح الصغير» (١/ ٢٧١)، و «حاشية العدوي على الرسالة» (١/ ٢٦٠)، والزرقاني (١/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>