للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصلَّى بعدَ صَلاةِ الصُّبحِ، وإنَّما وقتُه قبلَ الفَجرِ، وقبلَ صَلاةِ الصُّبحِ، عندَنا، وهو مِنْ السُّنةِ المُؤكَّدةِ، فمَن نَسيَه ثم ذكرَه وهو في صَلاةِ الصُّبحِ، قطعَها إذا كانَ في سَعةٍ مِنْ وقتِها، وصلَّى الوِترَ، ثم صلَّى الصُّبحَ، فيَكونَ قد أتى بالسُّنةِ والفَريضةِ في وقتِها.

قِيلَ: ليس لهذا أصلٌ في الشَّرعِ المُجتمَعِ عليه، بلِ الأصلُ ألَّا يُبطِلَ الإنسانُ عمَلَه، وألَّا يَخرُجَ مِنْ فَرضِه قبلَ أن يُتمَّه لغيرِ واجِبٍ عليه.

ومَعلومٌ أنَّ إتمامَ ما وجبَ إتمامُه فَرضٌ، والوِترُ سُنَّةٌ، فكيفَ يُقطَعُ فَرضٌ لِسُنَّةٍ، وقد أجمعَ العُلماءُ على أنَّه لا تُقطَعُ صَلاةُ فَريضةٍ لِصَلاةٍ مَسنونةٍ، فيما عَدا الوِترِ، واختَلَفوا في قَطعِها لِلوِترِ؛ فالواجِبُ رَدُّ ما اختَلَفوا فيه إلى ما أجمَعوا عليه، وكذلك أجمعَ فُقهاء الأمصارِ على أنَّه لا يَقطعُ صَلاةَ الصُّبحِ لِلوِترِ، إن كان خلفَ إمامٍ، فكذلك المُنفرِدُ، قياسًا ونَظَرًا، وعليه جُمهورُ العُلماءِ، وباللهِ التَّوفيقُ.

ولم يختلِف قولُ مالِكٍ وأصحابِه فيمَن أحرَم بالتَّيَمُّمِ، فطَرَأ عليه الماءُ وهو في الصَّلاةِ أنَّه يَتمادى ولا يَقطعُ، وهذا كان أولى مِنْ القَطعِ لِلوِترِ (١).

وذَهب الحَنفيَّةُ إلى أنَّ وقتَ الوِترِ وقتُ العِشاءِ، أي: مِنْ غُروبِ الشَّفقِ إلى طُلوعِ الفَجرِ، ولا يَجوزُ تَقديمُ صَلاةِ الوِترِ على صَلاةِ العِشاءِ، لا لِعدمِ دُخولِ وقتِها، بل لوُجوبِ التَّرتيبِ بينَها وبينَ العِشاءِ، إلا إذا كان ناسِيًا، فلو صلَّى الوِترَ قبلَ العِشاءِ ناسِيًا، أو صلَّاهُما -أي: العشاءَ والوِترَ- فظَهَرَ فَسادُ


(١) «الاستذكار» (٢/ ١٢٢، ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>