وذَهب المالِكيَّةُ إلى أنَّ أوَّلَ وقتِ الوِترِ بعدَ صَلاةِ عِشاءٍ صَحيحةٍ، ولو بعدَ ثُلُثِ اللَّيلِ، فإن تبيَّن فَسادُها لم يَدخُل وقتُه، وإن كان صلَّاهُ بعدَ الفاسِدةِ أعادَ بعدَ إعادَتِها، وبعدَ غيابِ الشَّفقِ الأحمَرِ، فإن قدَّم العِشاءَ عندَ المَغربِ لِسَفرٍ أو مَطَرٍ، لم يَدخُل وقتُ الوِترِ حتى يَغيبَ الشَّفقُ.
وآخرُ وقتِ الوِترِ عندَهم هو طُلوعُ الفَجرِ، إلا في الضَّرورةِ، وذلك لِمَنْ غلَبته عَيناه عن وِردِه، فلَه أن يُصلِّيَه، فيُوتِرَ ما بينَ طُلوعِ الفَجرِ وبينَ أن يُصلِّيَ الصُّبحَ، ما لم يَخشَ أن تَفوتَ صَلاةُ الصُّبحِ بطُلوعِ الشَّمسِ.
فلو شرعَ في صَلاةِ الصُّبحِ وكانَ مُنفرِدًا، ثم تذكَّر أنَّ عليه الوِترَ، وهو في الصُّبحِ يُندَبُ له قَطعُها، أي: الصُّبحِ، لأجلِ الوِترِ، ما لم يَخَف خُروجَ وقتِ الصُّبحِ.
قال في «الشَّرحِ الصَّغيرِ»: (ونُدِبَ لِفَذٍّ) تذكَّر أنَّ عليه الوِترَ، وهو في الصُّبحِ (قَطعُهَا)، أي: الصُّبحِ (له) أي: لِأجلِ الوِترِ، ما لم يَخَف خُروجَ وقتِ الصُّبحِ، فيأتي بالشَّفعِ والوِترِ، ويُعيدُ الفَجرَ، (وجازَ القَطعُ) لِمُؤتَمٍّ
(١) «المغني» (٢/ ٣٥٩)، و «مطالب أولي النُّهى» (١/ ٥٥١)، و «كشاف القناع» (١/ ٤١٥، ٤١٦)، و «القليوبي على شرح المنهاج» (١/ ٢١٣)، و «المجموع» (٥/ ٢٠، ٤٠).