وعن الحَسنِ قالَ: بَهيمةُ الأنعامِ: الشاةُ والبَقرةُ والبَعيرُ (١).
وقالَ الإمامُ ابن رُشدٍ ﵀: واختَلفُوا هل تَعملُ ذَكاةُ الأمِّ في جَنينِها أم ليسَ تَعملُ فيه وإنما هو مَيتةٌ؟ أعنِي إذا خرَجَ منها بعدَ ذَبحِ الأمِّ.
فذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ إلى أنَّ ذَكاةَ الأمِّ ذَكاةٌ لجَنينِها، وبه قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ.
وقالَ أبو حَنيفةَ: إنْ خرَجَ حيًّا ذُبحَ وأُكلَ، وإنْ خرَجَ مَيتًا فهو مَيتةٌ.
والذينَ قالَوا: «إنَّ ذَكاةَ الأمِّ ذَكاةٌ له» بَعضُهم اشتَرطَ في ذلكَ تَمامَ خِلقتِه ونَباتَ شَعرِه، وبه قالَ مالِكٌ، وبعضُهم لم يَشترطْ ذلكَ، وبه قالَ الشافِعيُّ.
وسَببُ اختِلافِهم: اختِلافُهم في صِحةِ الأثَرِ المَرويِّ في ذلكَ مِنْ حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ، معَ مُخالَفتِه للأصولِ، وحَديثُ أبي سَعيدٍ هو: قالَ: «سَألْنا رَسولَ اللهِ ﷺ عن البَقرةِ أو الناقةِ أو الشاةِ يَنحرُها أحَدُنا فنَجدُ في بَطنِها جَنينًا، أنَأكلُه أو نُلقيهِ؟ فقالَ: كُلوهُ إنْ شِئتُم؛ فإنَّ ذَكاتَه ذَكاةَ أمِّه»، وخرَّجَ مثلَه التِّرمذيُّ وأبو داودَ عن جابِرٍ.
واختَلفُوا في تَصحيحِ هذا الأثَرِ، فلمْ يُصحِّحْه بعضُهم وصحَّحَه بعضُهم، وأحَدُ مَنْ صحَّحَه التِّرمذيُّ.
وأما مُخالَفةُ الأصلِ في هذا البابِ للأثَرِ فهو أنَّ الجَنينَ إذا كانَ حيًّا ثم ماتَ بمَوتِ أمِّه فإنما يَموتُ خَنقًا، فهو مِنْ المُنخنِقةِ التي ورَدَ
(١) «الاستذكار» (٥/ ٢٦٣، ٢٦٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute