النصُّ بتَحريمِها، وإلى تَحريمِه ذهَبَ أبو مُحمدٍ ابنُ حَزمٍ ولم يَرْضَ سنَدَ الحَديثِ.
وأما اختِلافُ القائِلينَ بحِلِّيتَه في اشتِراطِهم نَباتَ الشَّعرِ فيه أو لا اشتِراطِه فالسَّببُ فيه مُعارَضةُ العُمومِ للقياسِ، وذلكَ أنَّ عُمومَ قولِه ﵊:«ذَكاةُ الجَنينِ ذَكاةُ أمِّه» يَقتضي أنْ لا يقَعَ هنالكَ تَفصيلٌ، وكونُه مَحلًّا للذَّكاةِ يَقتضي أنْ يُشترطَ فيه الحَياةُ قياسًا على الأشياءِ التي تَعملُ فيها التذكيةُ، والحَياةُ لا تُوجَدُ فيه إلا إذا نبَتَ شَعرُه وتَمَّ خَلقُه، ويَعضدُ هذا القياسَ أنَّ هذا الشَّرطَ مَرويٌّ عن ابنِ عُمرَ وعن جَماعةٍ مِنْ الصَّحابةِ.
ورَوى مَعمرٌ عن الزُّهريِّ عن عبدِ اللهِ بنِ كَعبِ بن مالك قالَ: كانَ أصحابُ رَسولِ اللهِ ﷺ يَقولونَ: «إذا أشعَرَ الجَنينُ فذَكاتُه ذَكاةُ أمِّه».
ورَوى ابنُ المُبارَكِ عن ابنِ أبي ليلَى قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «ذَكاةُ الجَنينِ ذَكاةُ أمِّه أشعَرَ أو لم يُشعِرْ»، إلا أنَّ ابنَ أبي ليلَى سيِّئُ الحِفظِ عندَهم، والقياسُ يَقتضي أنْ تكونَ ذَكاتُه في ذَكاةِ أمِّه مِنْ قِبَلِ أنه جُزءٌ منها، وإذا كانَ ذلكَ كذلكَ فلا معنَى لاشتِراطِ الحَياةِ فيهِ، فيَضعفُ أنْ يُخصَّصَ العُمومُ الواردُ في ذلكَ بالقياسِ الذي تَقدَّمَ ذِكرُه عن أصحابِ مالكٍ (١).