للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أبو حَنيفةَ وأصحابُه: إذا حصَلَ الصَّيدُ في يَدِه حيًّا مِنْ فَمِ الكَلبِ أو الصَّيدُ لسَهمٍ ولم يُذَكِّهِ لم يُؤكلْ، سواءٌ قدَرَ على تَذكيتِه أو لم يَقدرْ.

وقد قالَ الليثُ: إنْ ذهَبَ يُخرجُ سِكينَه مِنْ حِقبِه أو خُفِّه فسبَقَه بنَفسِه فماتَ أكَلَه، وإنْ ذهَبَ يُخرجِ سكِّينَه مِنْ خُرجِه فماتَ قبلَ أنْ يُخرِجَه لم يَأكلْه.

وقد رُويَ عن إبراهِيمَ النخَعيِّ والحَسنِ البَصريِّ في هذه المَسألةِ قَولٌ شاذٌّ، قالَا: إذا لم تَكنْ معَكَ حَديدةٌ فأَرسِلْ عليهِ الكِلابَ حتَّى تَقتلَه (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : الحَيوانُ المَأكولُ الذي لا تَحلُّ مَيتتُه ضَربانِ: مَقدورٌ على ذِبحِه ومُتوحِّشٌ، فالمَقدورُ عليهِ لا يَحلُّ إلا بالذَّبحِ في الحَلقِ واللَّبَّةِ، وهذا مُجمَعٌ عليهِ، وسواءٌ في هذا الإنسِيُّ والوحشِيُّ إذا قدَرَ على ذَبحِه، بأنْ أمسَكَ الصَّيدَ، أو كانَ مُتوحِّشًا فلا يَحلُّ إلا بالذَّبحِ في الحَلقِ واللَّبةِ؛ لِما ذكَرَه المُصنِّفُ، وأما المُتوحِّشُ كالصَّيدِ فجَميعُ أجزائِه مَذبَحٌ ما دام مُتوحِّشًا، فإذا رماهُ بسَهمٍ أو أرسَلَ عليهِ جارِحةً فأصابَ شَيئًا مِنْ بَدنِه وماتَ به حَلَّ بالإجماعِ (٢).

وقالَ الإمامُ الموصليُّ الحَنفيُّ : (وإنْ أدرَكَه حيًّا لا يَحلُّ إلا بالتَّذكيةِ، وكذلكَ في الرميِ)؛ لأنه قدَرَ على الذَّكاةِ الاختياريةِ، فلا تُجزئُ الاضطِراريةُ؛ لاندفاعِ الضَّرورةِ؛ وهذا إذا قدَرَ على ذَبحِه، فإنْ أدرَكَه حيًّا


(١) «الاستذكار» (٥/ ٢٧٩).
(٢) «المجموع» (٩/ ١١٥)، و «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>