للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : الأمُّ إذا تزوَّجتْ سقَطَتْ حَضانتُها.

قالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ على هذا كلُّ مَنْ أحفَظُ عنهُ مِنْ أهلِ العِلمِ، قضَى به شُريحٌ، وهو قَولُ مالكٍ والشافِعيِّ وأصحابِ الرأيِ، وحُكيَ عن الحَسنِ أنها لا تَسقطُ بالتَّزويجِ.

ونقَلَ مُهنَّا عن أحمَدَ: إذا تزوَّجَتِ الأمُّ وابنُها صَغيرٌ أُخذَ منها، قيلَ له: فالجارِيةُ مِثلُ الصبيِّ؟ قالَ: لا، الجارِيةُ تكونُ معَها إلى سَبعِ سِنينَ.

فظاهِرُ هذا أنه لم يُزِلِ الحَضانةَ عن الجارِيةِ لتَزويجِ أمِّها وأزالَها عن الغُلامِ.

ووَجهُ ذلكَ ما رُويَ أنَّ عَليًّا وجَعفرًا وزَيدَ بنَ حارِثةَ تَنازَعوا في حَضانةِ ابنةِ حَمزةَ، فقالَ عليٌّ: ابنةُ عمِّي وأنا أخَذْتُها، وقالَ زَيدٌ: بنتُ أخِي؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ آخَى بينَ زَيدٍ وحَمزةَ، وقالَ جَعفرٌ: بنتُ عمِّي وعندِي خالَتُها، فقالَ رَسولُ اللهِ : «الخالَةُ أمٌّ، وسلَّمَها إلى جَعفرٍ» رَواهُ أبو داودَ بنَحوِ هذا المعنَى، فجعَلَ لها الحَضانةَ وهي مُزوَّجةٌ.

والرِّوايةُ الأُولى هي الصَّحيحةُ، قالَ ابنُ أبي مُوسَى: وعليها العَملُ؛ لقَولِ رَسولِ اللهِ للمَرأةِ: «أنتِ أحَقُّ به ما لم تَنكِحي»؛ لأنها إذا تَزوَّجتِ اشتَغلَتْ بحُقوقِ الزوجِ عن الحَضانةِ، فكانَ الأبُ أحَظَّ له، ولأنَّ مَنافعَها تَكونُ مَملوكةً لغَيرِها، فأشبَهَتِ المَملوكةَ، فأما بنتُ حَمزةَ فإنما قضَى بها لخالتِها؛ لأنَّ زوْجَها مِنْ أهلِ الحَضانةِ، ولأنه لا يُساويهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>