للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُوجِبُه أيضًا، فيَكونُ مَسكوتًا مَوقوفًا على قيامِ الدَّليلِ، وقد قامَ دَليلُ الوُجوبِ وهو ما ذكَرْنا.

وأما حَديثُ فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ فقدْ رَدَّه عُمرُ ، فعن حمَّادٍ عن الشَّعبيِّ عن فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ «أنَّ زوْجَها طلَّقَها ثلاثًا فأتَتِ النبيَّ فقالَ: لا نَفقةَ ولا سُكنى، قالَ فأخبَرْتُ بذلكَ النخَعيَّ فقالَ: قالَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ وأُخبِرَ بذلكَ: لسْنَا بتارِكي آيةً مِنْ كِتابِ اللهِ تعالَى وقولَ رَسولِ اللهِ لقَولِ امرَأةٍ لعَلَّها أُوهِمَتْ، سَمعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: «لها السُّكنى والنَّفقةُ» (١).

وعنِ الأعمَشِ عن عُمارةَ بنِ عُميرٍ عن الأسوَدِ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ وعبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ قالا في المُطلَّقةِ ثلاثًا: «لها السُّكنى والنَّفقةُ» (٢).

ثمَّ قد قيلَ في تَأويلِه أنها كانَتْ تَبذُو على أحمائِها -أي: تَفحشُ عليهِم باللِّسانِ، مِنْ قَولِهم: بَذوتُ على فُلانٍ، أي: فَحشتُ عليهِ- أي: كانَتْ تُطيلُ لِسانَها عليهِم بالفُحشِ، فنقَلَها رَسولُ اللهِ إلى بَيتِ ابنِ أمِّ مَكتومٍ، ولم يَجعلْ لها نَفقةً ولا سُكنَى؛ لأنها صارَتْ كالناشِزةِ إذا كانَ سَببُ الخُروجِ منها، وهكذا نَقولُ فيمَن خرَجَتْ مِنْ بيتِ زَوجِها في عدَّتِها، أو كانَ منها سَببٌ أوجَبَ الخُروجَ أنها لا تَستحقُّ النَّفقةَ ما دامَتْ في بَيتِ غيرِ الزَّوجِ، وقيلَ: إنَّ زوْجَها كانَ غائبًا فلَم يَقْضِ لها بالنَّفقةِ والسُّكنى على الزوجِ لغَيبتِه؛ إذ لا يَجوزُ القَضاءُ على الغائبِ مِنْ غيرِ أنْ يكونَ عنه خَصمٌ حاضِرٌ.


(١) رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ٦٨).
(٢) رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>