حقِّها، وإنْ كانَ في يدِ مُودَعِه أو مُضاربِه أو كانَ له دَينٌ على غيرِه فإنْ كانَ صاحِبُ اليدِ مُقِرًّا بالوَديعةِ والزوجيةِ أو كانَ مَنْ عليه الدَّينُ مقِرًّا بالدَّينِ والزوجيةِ أو كانَ القاضِي عالِمًا بذلكَ فرَضَ لها في ذلك المالِ نَفقتَها في قولِ أصحابِنا الثَّلاثةِ، وقالَ زُفرُ: لا يَفرضُ.
وَجهُ قَولِه أنَّ هذا قَضاءٌ على الغائبِ مِنْ غيرِ أنْ يكونَ عنه خَصمٌ حاضِرٌ؛ إذ المُودَعُ ليسَ بخَصمٍ عن الزَّوجِ، وكذا المَديونُ، فلا يَجوزُ.
ولنا: أنَّ صاحِبَ اليدِ وهو المُودَعُ إذا أقَرَّ بالوَديعةِ والزوجيةِ أو أقَرَّ المَديونُ بالدَّينِ والزَّوجيةِ فقدْ أقَرَّ أنَّ لها حَقَّ الأخذِ والاستيفاءِ؛ لأنَّ للزَّوجةِ أنْ تَمدَّ يدَها إلى مالِ زَوجِها فتَأخذَ كِفايتَها منه؛ لحَديثِ امرأةِ أبي سُفيانَ، فلَم يَكنِ القاضي فرَضَ لها النَّفقةَ في ذلكَ المالِ قضاءً، بل كانَ إعانةً لها على أخذِ حقِّها، وله على إحياءُ زَوجتِه، فكانَ له ذلكَ، وإنْ جحَدَ أحدَ الأمرَينِ ولا عِلمَ للقاضي به لم يَسمعِ البيِّنةَ ولم يَفرضْ؛ لأنَّ سَماعَ البيِّنةِ والفرضَ يكونُ قَضاءً على الغائبِ مِنْ غيرِ خَصمٍ حاضرٍ؛ لأنه إنْ أنكَرَ الزَّوجيةَ لا يُمكنُها إقامةُ البيِّنةِ على الزَّوجيةِ؛ لأنَّ المودَعَ ليسَ بخَصمٍ عنه في الزَّوجيةِ، وإنْ أنكَرَ الوَديعةَ أو الدَّينَ لا يُمكنُها إقامةُ البيِّنةِ على الوَديعةِ والدَّينِ؛ لأنها ليسَتْ بخَصمٍ عن زَوجِها في إثباتِ حُقوقِه، فكانَ سَماعُ البيِّنةِ على ذلكَ قَضاءً على الغائبِ مِنْ غيرِ أنْ يَكونَ عنه خَصمٌ حاضِرٌ، وذلكَ غيرُ جائزٍ عندَنا.