للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرَّفَه ذلكَ، فإنْ سارَ إليها وتَسلَّمَها، أو وكَّلَ مَنْ يَتسلمُها فتَسلَّمَها الوكيلُ .. وجَبَتْ عليه نفقتُها مِنْ حِينِ تَسلَّمَها هو أو وَكيلُه.

وإنْ أمكَنَه السيرُ فلَم يَسِرْ ولا وَكيلُه .. فإنه إذا مضَتْ عليهِ مُدةٌ لو أرادَ المَسيرَ إليها أمكَنَه ذلكَ .. فإنَّ الحاكِمَ يَفرضُ لها النَّفقةَ مِنْ حينِ مُضيِّ مُدةِ السفرِ إليها؛ لأنه قد كانَ يُمكنُه التَّسلُّمُ فلَم يَفعلْ، فإذا لم يَفعلْ .. صارَ مُمتنِعًا مِنْ تَسلُّمِها، فوجَبَتْ عليه النَّفقةُ.

قالَ الشافِعيةُ: وإنْ لم يُمكنْه المَسيرُ لعَدمِ الرِّفقةِ أو لخَوفِ الطريقِ .. لم تَجبْ عليه النَّفقةُ حتَّى يُمكنَه المَسيرُ؛ لأنه غيرُ مُمتنعٍ مِنْ تسلُّمِها (١).

وقالَ الحَنابلةُ: إنْ بذَلَتِ الزوجةُ نفسَها أو بذَلَ وَليُّها تَسليمَ نفسِها والزَّوجُ غائبٌ لم يُفرضْ لها النَّفقةُ حتى يُراسلَه حاكِمُ الشَّرعِ؛ لأنها بذَلَتْ في حالٍ لا يُمكنُه التَّسلُّمُ فيه، فيَكتبُ القاضي إلى حاكِمِ البلدِ الذي هو فيه ليَستدعيَه ويُعلِمَه ذلكَ، فإنْ سارَ الزوجُ إليها أو وكَّلَ مَنْ يَتسلمُها له ممَّن يَحلُّ له ذلكَ كمَحرمِها فوصَلَ فتَسلَّمَها الزوجُ أو نائبُه وجَبَتِ النَّفقةُ حِينئذٍ؛ لأنَّ البذلَ قبلَ ذلكَ وُجودُه كعَدمِه.

فإنْ لم يَفعلْ فرَضَ الحاكِمُ عليه نَفقتَها مِنْ الوَقتِ الذي كانَ يُمكنُ الوُصولُ إليها وتَسلُّمُها؛ لأنه امتَنعَ مِنْ تَسلُّمِها مع إمكانِه وبَذلِها له، فلَزمتْه نَفقتُها كما لو كانَ حاضرًا.


(١) «البيان» (١١/ ١٩٠، ١٩١)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٦١)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٥٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٦٤، ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>