للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قَولُ النبيِّ : «إنَّما الرَّضاعةُ مِنْ المَجاعةِ» فهوَ حُجةٌ لنا بيِّنةٌ؛ لأنَّ للكَبيرِ مِنْ الرَّضاعةِ في طَردِ المَجاعةِ نحوُ ما للصَّغيرِ، فهو عُمومٌ لكلِّ رَضاعٍ إذا بلَغَ خَمسَ رَضعاتٍ كما أمَرَ رسولُ اللهِ .

وقد صَحَّ أنَّ عائِشةَ كانَ يَدخلُ عليها الكَبيرُ إذا أرضَعَتْه في حالِ كِبَرِه أختٌ مِنْ أخواتِها الرَّضاعَ المُحرِّمَ، ونَحنُ نَشهدُ بشَهادةِ اللهِ ﷿ ونَقطعُ بأنه تعالَى لم يَكنْ ليُبيحَ سِتْرَ رَسولِ اللهِ يَنتهكُه مَنْ لا يَحلُّ له معَ قولِه تعالَى: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧].

فنَحنُ نُوقنُ ونَبتُّ بأنَّ رَضاعَ الكبيرِ يَقعُ به التَّحريمُ، وليسَ في امتِناعِ سائرِهنَّ مِنْ أنْ يَدخلَ عليهِنَّ بهذهِ الرَّضاعةِ شَيءٌ يُنكَرُ؛ لأنَّ مُباحًا لهُنَّ أنْ لا يَدخلَ عليهِنَّ مَنْ يَحلُّ له الدُّخولُ عليهنَّ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : وقد ذهَبَ طائِفةٌ مِنْ السَّلفِ والخلَفِ إلى أنَّ إرضاعَ الكَبيرِ يُحرِّمُ، واحتَجُّوا بما في صَحيحِ مُسلمٍ وغيرِه عن زَينبَ بنتِ أمِّ سَلمةَ قالَتْ: قالَتْ أمُّ سَلمةَ لعائِشةَ: «إنه يَدخلُ عَليكِ الغُلامُ الأيفَعُ الذي ما أحِبُّ أنْ يَدخلَ عليَّ، قالَ: فقالَتْ عائِشةُ: أمَا لكِ في رَسولِ اللهِ إسوةٌ؟! قالَتْ: إنَّ امرَأةَ أبي حُذيفةَ قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ إنَّ سَالمًا يَدخلُ عليَّ وهو رَجلٌ وفي نَفسِ أبي حُذيفةَ منه شَيءٌ، فقالَ رسولُ اللهِ : أرضِعِيه حتى يَدخلَ عَليكِ» (٢).


(١) «المحلى» (١٠/ ٢٢، ٢٤).
(٢) أخرجه مسلم (١٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>