للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لسالمٍ» فليسَ بصَحيحٍ؛ لأنَّ عائِشةَ قالَتْ مُحتجَّةً على أمِّ سَلمةَ: «أمَا لكِ في رَسولِ اللهِ أُسوةٌ حَسنةٌ؟!»، وسُكوتُ أمِّ سَلمةَ يُنبئُ برُجوعِها إلى الحَقِّ عن احتياطِها، وأنَّ هذا قولٌ منها واختيارٌ أنَّ هذا خاصٌّ.

وأما دَعوى النَّسخِ فلا تَصحُّ؛ لأنه لا يَحلُّ لأحَدٍ أنْ يَقولَ في نَصٍّ ثابتٍ: «هذا مَنسوخٌ» إلا بنَصٍّ ثابتٍ مُبينٍ غيرِ مُحتمَلٍ، فكيفَ وقولُ سَهلةَ لرَسولِ اللهِ : «كيفَ أُرضِعُه وهو رَجلٌ كَبيرٌ» بَيانٌ جَليٌّ؛ لأنه بعدَ نُزولِ الآياتِ المَذكوراتِ، وباليَقينِ نَدرِي أنه لو كانَ خاصَّةً لسالمٍ أو في التَّبنِّي الذي نُسخَ لَبيَّنَه كما بيَّنَ لأبي بُردةَ في الجَذعةِ إذْ قالَ له: «تُجزِئُكَ ولا تُجزِئُ أحَدًا بعدَكَ».

فإن قيلَ: كيفَ يَحلُّ للكَبيرِ أنْ يَرضعَ ثَديَ امرَأةٍ أجنَبيةٍ.

قيلَ: هذا اعتِراضٌ مُجرَّدٌ على رَسولِ اللهِ الذي أمَرَ بذلكَ.

أو كما ذكَرَ عَطاءٌ يُحلبُ له اللَّبنُ ويُسقاهُ، قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأمَّا أنْ تُلقمَه المَرأةُ ثَديَها كما تَصنعُ بالطِّفلِ فلا؛ لأنَّ ذلكَ لا يَنبغي عندَ أهلِ العِلمِ.

وقد أجمَعَ العُلماءُ على التَّحريمِ بما يَشربُه الغُلامُ الرَّضيعُ مِنْ لَبنِ المَرأةِ وإنْ لم يَمصَّه مِنْ ثَديِها (١).


(١) «الاستذكار» (٦/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>