للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وإنْ ماتَ أحَدُ التَّوأمينِ أو ماتَا معًا فلهُ أنْ يُلاعِنَ لنَفيِ نَسبِهما، وبهذا قالَ الشافِعيُّ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: يَلزمُه نَسبُ الحيِّ، ولا يُلاعِنُ إلا لنَفيِ الحَدِّ؛ لأنَّ المَيتَ لا يَصحُّ نفيُه باللِّعانِ؛ فإنَّ نَسبَه قد انقَطعَ بمَوتِه، فلا حاجةَ إلى نفيِه باللِّعانِ، كما لو ماتَتْ امرأتُه فإنَّه لا يُلاعنُها بعدَ موتِها؛ لقَطعِ النكاحِ؛ لكَونِه قد انقَطعَ، وإذا لم يَنتَفِ الميتُ لم يَنتَفِ الحيُّ؛ لأنهُما حَملٌ واحدٌ.

ولنا: إنَّ المَيتَ يُنسَبُ إليهِ فيُقالُ: «ابنُ فُلانٍ» ويَلزمُه تَجهيزُه وتَكفينُه، فكانَ له نَفيُ نَسبِه وإسقاطُ مَؤونتِه كالحَيِّ، وكما لو كانَ للمَيتِ وَلدٌ (١).

وقالَ القاضي عَبدُ الوَهابِ المالِكيُّ : إذا أتَتْ بولَدينِ تَوأمينِ فنَفاهُما ثمَّ ماتَ أحَدُهما قبلَ الالتِعانِ كانَ له أنْ يَلتعنَ ويَنفيَ نَسبَهما، وقالَ أبو حَنيفةَ: لا يَصحُّ نَفيُ نَسبِ المَيتِ ويلحَقُ به، وإذا لحِقَ به نَسبُ المَيتِ لحِقَ به نَسبُ الحيِّ.

فدَليلُنا: أنَّ به حاجَةً إلى نَفيِ نَسبِ المَيتِ كحاجَتِه إلى نفيِ نَسبِ الحيِّ؛ لأنَّ النَّسبَ لا يَبطلُ بالمَوتِ، يُبيِّنُ ذلكَ أنه قد يموتُ المَيتُ عن وَلدٍ فيَلحقُ بالزَّوجِ وإنْ لم يَنْفِ المَيتَ عنه، وإذا كانْ كذلكَ ثبَتَ حاجتُه إلى نَفيِ نَسبِه، فكانَ له أنْ يُلاعِنَ.


(١) «المغني» (٨/ ٥٨)، و «المبدع» (٨/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>