للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ١٥٦)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٣٦٦، ٣٦٧)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٢٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٨٧، ٣٨٨)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٩٦، ٢٩٧)، وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ في «الجامِع لأحكامِ القُرآنِ» (١٧/ ٢٨٥، ٢٨٧): فمَن لم يُطِقِ الصِّيامَ وجَبَ عليهِ إطعامُ ستِّينَ مِسكينًا لكلِّ مِسكينٍ مُدَّانِ بمُدِّ النبيِّ ، وإنْ أطعَمَ مُدًّا بمُدِّ هِشامٍ -وهو مُدَّانِ إلا ثُلثًا- أو أطعَمَ مدًّا ونصفًا بمُدِّ النبيِّ أجزَأهُ، قالَ أبو عُمرَ بنُ عبدِ البرِّ: وأفضلُ ذلكَ مدَّانِ بمدِّ النبيِّ ؛ لأنَّ اللهَ ﷿ لم يَقُلْ في كفَّارةِ الظِّهارِ: «مِنْ أوسَطِ ما تُطعِمونَ»، فواجِبٌ قَصدُ الشَّبعِ، قالَ ابنُ العربيِّ: وقالَ مالكٌ في روايةِ ابنِ القاسمِ وابنِ عبدِ الحكَمِ: مدٌّ بمدِّ هشامٍ، وهوَ الشَّبعُ هاهُنا؛ لأنَّ اللهَ تعالى أطلَقَ الطَّعامَ ولم يَذكرْ الوسَطَ، وقالَ في روايةِ أشهَبَ: مدَّانِ بمُدِّ النبيِّ ، قيلَ لهُ: ألمْ تكنْ قلتَ: مدُّ هِشامٍ؟ قالَ: بلى، مدَّانِ بمدِّ النبيِّ أحبُّ إليَّ، وكذلكَ قالَ عنه ابنُ القاسمِ أيضًا.
قلتُ: وهيَ روايةُ ابنِ وهبٍ ومطرَّفٍ عن مالكٍ: أنه يُعطِي مدَّينِ لكلِّ مسكينٍ بمدِّ النبيِّ ، وهو مذهبُ أبي حنيفةَ وأصحابِه، ومذهبُ الشَّافعيِّ وغيرِه مدٌّ واحدٌ لكلِّ مسكينٍ لا يلزَمُه أكثرُ مِنْ ذلكَ؛ لأنه يُكفِّرُ بالإطعامِ، ولم يَلزمْه صرفُ زيادةٍ على المدِّ، أصلُه كفَّارةُ الإفطارِ واليمينِ.
ودليلُنا: قولُه تعالى: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤]، وإطلاقُ الإطعامِ يَتناولُ الشَّبعَ، وذلكَ لا يحصلُ بالعادةِ بمدٍّ واحِدٍ إلا بزيادةٍ عليهِ، وكذلكَ قالَ أشهَبُ: قلتُ لمالكٍ: أيَختلِفُ الشَّبعُ عندَنا وعندَكُم؟ قالَ: نعمْ، الشَّبعُ عندَنا مدٌّ بمدِّ النبيِّ ، والشَّبعُ عندَكُم أكثرُ؛ لأنَّ النبيَّ دعَا لنا بالبَركةِ دُونَكم، فأنتُم تأكلونَ أكثرَ ممَّا نأكلُ نحنُ، وقالَ أبو الحَسنِ القابِسيُّ: إنَّما أخَذَ أهلُ المَدينةِ بمدِّ هِشامٍ في كفَّارةِ الظِّهارِ تَغليظًا على المُتظاهِرِينَ الذين شَهِدَ اللهُ عليهم أنهُم يَقولونَ مُنكَرًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>