قلتُ: وهيَ روايةُ ابنِ وهبٍ ومطرَّفٍ عن مالكٍ: أنه يُعطِي مدَّينِ لكلِّ مسكينٍ بمدِّ النبيِّ ﷺ، وهو مذهبُ أبي حنيفةَ وأصحابِه، ومذهبُ الشَّافعيِّ وغيرِه مدٌّ واحدٌ لكلِّ مسكينٍ لا يلزَمُه أكثرُ مِنْ ذلكَ؛ لأنه يُكفِّرُ بالإطعامِ، ولم يَلزمْه صرفُ زيادةٍ على المدِّ، أصلُه كفَّارةُ الإفطارِ واليمينِ.ودليلُنا: قولُه تعالى: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤]، وإطلاقُ الإطعامِ يَتناولُ الشَّبعَ، وذلكَ لا يحصلُ بالعادةِ بمدٍّ واحِدٍ إلا بزيادةٍ عليهِ، وكذلكَ قالَ أشهَبُ: قلتُ لمالكٍ: أيَختلِفُ الشَّبعُ عندَنا وعندَكُم؟ قالَ: نعمْ، الشَّبعُ عندَنا مدٌّ بمدِّ النبيِّ ﷺ، والشَّبعُ عندَكُم أكثرُ؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ دعَا لنا بالبَركةِ دُونَكم، فأنتُم تأكلونَ أكثرَ ممَّا نأكلُ نحنُ، وقالَ أبو الحَسنِ القابِسيُّ: إنَّما أخَذَ أهلُ المَدينةِ بمدِّ هِشامٍ في كفَّارةِ الظِّهارِ تَغليظًا على المُتظاهِرِينَ الذين شَهِدَ اللهُ عليهم أنهُم يَقولونَ مُنكَرًا =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute