للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنه يُشتَرطُ إطعامُ ستِّينَ مِسكينًا لكلٍّ مِنهُم مُدٌّ هاشِميٌّ، وهو مُدٌّ وثُلثانِ بمُدِّه بُرًّا؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤]، والإطلاقُ يَقتضِي الشَّبعَ، ولأنها فِديةٌ ينتقلُ فيها مِنْ صِيامٍ إلى طَعامٍ أبهَمتْهُ في الظِّهارِ، فوجَبَ أنْ يلزمَ فيها زِيادةٌ على مُدٍّ، أصلُه فِديةُ الأذَى.

وقيلَ: مُدَّانِ، وقيلَ: مُدٌّ، وقيلَ: مُدٌّ وثُلثٌ، وقيلَ: مُدٌّ ونِصفٌ.

وإنِ اقتَاتُوا تَمرًا أو شَيئًا مِنْ الأجناسِ المُخرَجةِ في زَكاةِ الفِطرِ مِنْ شَعيرٍ أو سُلْتٍ أو أُرْزٍ أو دُخْنٍ أو ذُرَةٍ فإنه يُخرِجُ منه عِدْلَ الحِنطةً شَبَعًا لا كَيلًا، ومَعنَى عِدلِه شَبعًا أنُ يُقالَ: إذا شَبعَ الرَّجلُ مِنْ مُدِّ حِنطةٍ كم يُشبِعُه مِنْ غَيرِها؟ فيُقالَ: كذا، فيُخرِجَ ذلكَ، سَواءٌ زادَ عَنْ مُدٍّ أو نَقصَ.

قالَ الإمامُ مالِكٌ : ولا أُحبُّ أنْ يُغدِّي ويُعشِّي في الظِّهارِ؛ لأنَّ الغداءَ والعَشاءَ لا أظنُّه يَبلغُ مُدًّا بالهاشِميِّ، ولا يَنبغِي ذلكَ في ديَّةِ الأذَى أيَضًا، ويُجزِئُ ذلكَ فيما سِواهُما مِنْ الكفَّاراتِ، ويَكونُ معَ الخُبزِ إدامٌ، وإنْ كانَ الخُبزُ وحْدَه وفيهِ عِدلُ ما يُخرَجُ مِنْ الحَبِّ أجزَأهُ.

وإنْ أعطَى ستِّينَ مُدًّا هاشِميًّا لمِائةٍ وعِشرينَ مِسكينًا لكلٍّ نِصف مُدٍّ لم يُجزِئْه (١).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٩٩)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٥٥، =

<<  <  ج: ص:  >  >>