للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ تَجرَّأَ ووَطئَ انحَلَّ عنه الإيلاءُ ولَزمَتْه كفَّارةُ الظِّهارِ، فلا يَقربُها بعدَ ذلكَ حتى يُكفِّرَ، فإنِ امتَنعَ مِنْ الكفَّارةِ وتَضرَّرتْ بتَركِ الوطءِ طلّقَ عليهِ بالضَّررِ حالًا (١).

وجاءَ في «المُدوَّنة الكُبرَى»: (قُلتُ): أرَأيتَ إنْ قالَ: «إنْ قَربتُكِ فأنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي» متى يَكونُ مُظاهِرًا؟ أساعَةَ تَكلَّمَ بذلكَ أو حتى يطَأَ؟ (قال): هو مُولٍ في قَولٍ مالِكٍ حينَ تكلَّمَ بذلكَ، فإنْ وَطئَ سقَطَ الإيلاءُ عنه ولَزمَه الظِّهارُ بالوَطءِ، ولا يَقربُها بعدَ ذلكَ حتى يُكفِّرَ كفَّارةَ الظِّهارِ، فإنْ ترَكَها ولم يُكفِّرْ كفَّارةَ الظِّهارِ كانَ سَبيلُه سَبيلَ ما وَصفْتُ لكَ في قَولٍ مالِكٍ في المُظاهِرِ المُضارِّ، (قُلتُ): لمَ قالَ مالِكٌ: إذا ظاهَرَ مِنْ امرَأتِه فقالَ لها: «أنتِ عليَّ كظَهرٍ أمِّي» أنه مُولٍ إنْ ترَكَها ولم يُكفِّرْ كفَّارةِ الظِّهارِ وعُلِمَ أنه مُضارٌّ، وليس هذا بيَمينٍ؛ لأنه لم يَقلْ: «إنْ قَربتُكِ فأنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي»، وإنما قالَ: «أنتِ عَليَّ كظَهرِ أمِّي»، فهذا لا يَكونُ يَمينًا، فلمَ جعَلَه مالِكٌ مُوليًا وجعَلَه يَمينًا؟ (قالَ): قالَ مالِكٌ: لا يَكونُ مُوليًا حتى يُعلَمَ أنه مُضارٌّ، فإذا عُلِمَ أنه مُضارٌّ حُمِلَ مَحملَ الإيلاءِ؛ لأنَّ مالِكًا قالَ: كلٌّ يَمينٍ مَنعَتِ الجِماعَ فهي إيلاءٌ، وهذا الظِّهارُ إنْ لم يكنْ يَمينًا عندَ مالِكٍ فهو إذا كَفَّ عن الوَطءِ وهو يَقدرُ على الكفَّارةِ عُلمَ أنه مُضارٌّ، فلا بُدَّ أنْ يُحمَلَ مَحملَ المُولي (٢).


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ١٢٨)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٩٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٤٩، ٣٥٠).
(٢) «المدونة الكبرى» (٦/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>