عندَهم جَميعًا؛ لأنه إذا نَوى بهِ الطلاقَ فقَدْ جعَلَ الطلاقَ جَزاءً مانِعًا مِنْ القُربانِ، فيَصيرُ كأنهُ قالَ:«إنْ قَربتُكِ فأنتِ طالقٌ»، ولو قالَ ذلكَ لَصارَ مُوليًا، كذا هذا.
وإنْ نَوى اليَمينَ فهو مُولٍ للحالِ عندَ أبي حَنيفةَ؛ لأنه منَعَ نفسَه مِنْ قُربانِ امرَأتِه في المدَّةِ بما لا يَصلحُ مانِعًا وهو التَّحريمُ، وهو حَدُّ المُولِي، فيَصيرُ مُوليًا كما لو قالَ:«إنْ قَربتُكِ فأنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي».
وعندَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ: لا يَكونُ مُوليًا ما لم يَقربْها.
وجهُ قَولِهما: أنَّ قَولَه: «أنتِ عليَّ حَرامٌ» إذا نَوى بهِ اليَمينَ أو لا نيَّةَ له يَكونُ إيلاءً بلا خِلافٍ بينَ أصحابِنا، كأنهُ قالَ:«واللهِ لا أقرَبُكِ»، فصارَ الإيلاء مُعلَّقًا بالقُربانِ، كأنهُ قالَ:«إنْ قَربتُكِ فواللهِ لا أقرَبُكِ»، ولو قالَ ذلكَ لا يَكونُ مُوليًا حتى يَقربَها، كذا هذا (١).
وقالَ المالِكيةُ: إذا قالَ لزَوجتِه: «إنْ وَطئتُكِ فأنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي» فإنه يُمنَعُ مِنْ وَطئِها أبَدًا؛ لأنَّ وطْأَه لها يُؤدِّي لوَطءِ المُظاهرِ مِنها، فإذا تَضرَّرتْ زَوجتَه رفعَتْ أمْرَها للقاضي، فيَضربُ له أجَلَ الإيلاءِ مِنْ يَومِ الحلِفِ، فإذا تمَّ الأجَلُ فلا تُطالِبُه بالفَيئةِ، وإنَّما تُطالِبُه بالطلاقِ أو تَبقى معَه بلا وَطءٍ.
وفائِدةُ ضَربِ الأجَلِ -معَ أنه مَمنوعٌ مِنها- احتِمالُ أنْ تَرضى بالإقامةِ معهُ بلا وَطءٍ.
(١) «المبسوط» (٧/ ٣٣)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٦٧)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٥٠٩).