ونَظيرُ ما قالَهُ مالكٌ أيضًا: لو قالَ لِزَوجتِه: «إنْ فَعلْتِ كذا فأنتِ طالِقٌ» ففَعلَتْه قاصِدةً تَحنيثَه فإنه لا يَحنَثُ؛ مُعامَلةً لها بنَقيضِ قَصدِها، واختارَ هذا أشهَبُ وخالَفَه ابنُ القاسِمِ وقالَ بالحِنثِ، ومَشى عليهِ العلَّامةُ خَليلٌ؛ لأنهُ قولُ «المُدوَّنة»، ولَم تَزلْ أشياخُنا وأشياخُهم تُرجِّحُه وتُضعِّفُ كلامَ أشهَبَ المُوافقِ لكَلامِ مالكٍ في عَدمِ فَسخِ نكاحِ المرأةِ القاصِدةِ بردَّتِها فسْخَ نكاحِها، وفرَّقَ الشُّيوخُ بيْنَ مَسألةِ الردَّةِ ومَسألةِ الطَّلاقِ بأنَّ مسألةَ تَعليقِ الطَّلاقِ على فِعلِ الزَّوجةِ أمرٌ وقَعَ مِنْ الزَّوجِ باختيارِه، فلذلكَ قُلنا يَحنثُ بفِعلِها ولو قَصدَتْ تَحنيثَه؛ لأنهُ المُعلِّقُ للطَّلاقِ، فكأنهُ المُوقِعُ له؛ لأنهُ حينَ التَّعليقِ مُجوِّزٌ فِعلَها للمُعلَّقِ عليهِ، بخِلافِ ردَّتِها وَقعَتْ مِنها باختيارِها قاصِدةً طلاقَها، والعِصمةُ ليسَتْ بيَدِها، فلَم يقَعْ على الرَّجلِ، ولو وقَعَ لَتَواطأَتِ النِّساءِ على فِراقِ الأزواجِ قَهرًا عليهم، فافْهَمْ هذا الفرْقَ بإيضاحٍ. «الفَواكِهُ الدَّواني» (٢/ ٢٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute