أمَّا طاوسٌ: فقالَ عَبدُ الرَّزاقِ: أَخبَرَنا مَعمَرٌ عنِ ابنِ جُريجٍ عنِ ابنِ طاوسٍ عَنْ أبيهِ: «أنهُ كانَ لا يَرَى الحلِفَ بالطَّلاقِ شَيئًا»، وقَد رَدَّ بعضُ المُتعصِّبينَ لتَقليدِهم ومَذاهِبِهم هذا النَّقلَ بأنَّ عبدَ الرَّزاقِ ذكَرَه في بابِ يَمينِ المُكرهِ فحمَلَه على الحلِفِ بالطَّلاقِ مُكرَهًا؛ وهذا فاسِدٌ؛ فإنَّ الحُجَّةَ ليسَتْ في التَّرجَمةِ، وإنَّما الاعتِبارُ بما يُروَى في أثناءِ التَّرجَمةِ، ولا سيِّما المُتقدِّمِينَ كابنِ أبي شَيبةَ وعَبدِ الرَّزاقِ ووَكيعٍ وغَيرِهم، فإنهُم يَذكرونَ في أثناءِ التَّرجَمةِ آثارًا لا تُطابِقُ التَّرجَمةَ وإنْ كانَ لها بها نَوعُ تَعلُّقٍ، وهذا في كُتبِهم لِمَنْ تأمَّلَه أكثَرُ وأشهَرُ مِنْ أنْ يَخفَى، وهوَ في «صَحيح البُخاريِّ» وغَيرِه، وفي كُتبِ الفُقهاءِ وسائِرِ المُصنِّفينَ، ثمَّ لو فَهِمَ عَبدُ الرَّزاقِ هذا وأنهُ في يَمينِ المُكرَهِ لم تكنِ الحُجَّةُ في فَهمِه، بلِ الأخذُ برِوايتِه، وأيُّ فائدةٍ في تَخصيصِ الحَلِفِ بالطَّلاقِ بذلكَ؟ بَلْ كُلُّ مُكرَهٍ حلَفَ بأيِّ يَمينٍ كانَتْ فيَمينُه ليسَتْ بشيءٍ.
أمَّا عِكرِمةُ: فقالَ سنيدُ بنُ داودَ في تَفسيرهِ: حدَّثنَا عبادُ بنُ عبادٍ المهلبيُّ عن عاصِمٍ الأحوَلِ عَنْ عِكرِمةَ في رَجلٍ قالَ لغُلامِه: «إنْ لَم أَجلِدْكَ مِائةَ سَوطٍ فامرَأتي طِالقٌ» قالَ: لا يَجلِدُ غُلامَه ولا يُطلِّقُ امرَأتَه، هذا مِنْ خُطواتِ الشَّيطانِ».
فإذا ضَمَمْتَ هذا الأثرَ إلى أثَرِ ابنِ طاوُسٍ عن أبيهِ إلى أثرِ ابنِ عبَّاسٍ فيمَن قالَتْ لمَملوكِها: «إنْ لَم أُفرِّقْ بيْنَكَ وبيْنَ امرأتِكَ فكُلُّ مَملوكٍ لي