إلى الشَّافعيِّ، وهذا مَذهبُ أكثَرِ أهلِ الظَّاهِرِ، فعِندَهم أنَّ الطَّلاقَ لا يَقبَلُ التَّعليقَ كالنِّكاحِ، ولَم يَرُدَّ مُخالِفُو هؤلاءِ عليهم بحُجَّةٍ تَشفِي.
الطَّريقُ الثَّانيةُ: طَريقُ مَنْ يَقولُ: لا يَقعُ الطَّلاقُ المَحلوفُ بهِ ولا العِتقُ المَحلوفُ بهِ، ويَلزمُه كفَّارةُ اليَمينِ إذا حنَثَ فيهِ، وهذا مَذهبُ ابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ وأبي هُريرةَ وعائِشةَ وزَينبَ بنتِ أمِّ سَلَمةَ وحَفصةَ في الحَلِفِ بالعِتقِ الَّذي هو قُربةٌ إلى اللهِ تعالَى، بلْ مِنْ أحَبِّ القُرَبِ إلى اللهِ، ويَسرِي في مِلكِ الغَيرِ، فما يَقولُ هؤلاءِ في الحلِفِ بالطَّلاقِ الَّذي هوَ أبغَضُ الحَلالِ إلى اللهِ تعالَى وأحَبُّ الأشياءِ إلى الشَّيطانِ، والسَّائِلُ لهؤلاءِ الصَّحابةِ «إنَّما كانَ امرَأةً حَلَفتْ بأنَّ كُلَّ مَملوكٍ لها حُرٌّ إنْ لَم تُفرِّقْ بيْنَ عَبدِها وبيْنَ امرأتِهِ، فقالوا لها: كفِّرِي عَنْ يَمينِكِ، وخَلِّي بيْنَ الرَّجلِ وبيْنَ امرَأتِه».
وهؤلاءِ الصَّحابةُ أفقَهُ في دِينِ اللهِ وأعلَمُ مِنْ أنْ يُفتُوا بالكفَّارةِ في الحلِفِ بالعِتقِ ويَرَونَه يَمينًا ولا يَرَونَ الحلِفَ بالطَّلاقِ يَمينًا ويُلزِمونَ الحانِثَ بوُقوعِه، فإنهُ لا يَجِدُ فَقيهٌ شَمَّ رائِحةَ العِلمِ بيْنَ البابَينِ والتَّعليقَينِ فَرقًا بوَجهٍ مِنَ الوُجوهِ.
وإنَّما لم يأخُذْ بهِ أحمَدُ؛ لأنهُ لَم يَصحَّ عِندَه إلَّا مِنْ طَريقِ سُليمانَ التَّيميِّ، واعتَقدَ أنهُ تَفرَّدَ بهِ، وقَد تابَعَه عليهِ مُحمدُ بنُ عَبدِ اللهِ الأنصارِيُّ وأَشعَثُ الحمرَانِيُّ، ولهذا لَمَّا ثبَتَ عِنْدَ أبي ثورٍ قالَ بهِ …
الطَّريقُ الثَّالثةُ: طَريقُ مَنْ يَقولُ: ليسَ الحلِفُ بالطَّلاقِ شيئًا، وهذا صَحيحٌ عَنْ طاوُسٍ وعِكرِمةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute