للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمَّا أنْ تكونَ اليَمينُ مُنعقِدةً مُحتَرَمةً ففيها الكَّفارةُ.

وإمَّا أنْ لا تكونَ مُنعقِدةً مُحتَرَمةً -كالحلِفِ بالمَخلوقاتِ مِثلَ الكَعبةِ والمَلائكةِ وغَيرِ ذلكَ- فهذا لا كفَّارةَ فيهِ بالاتِّفاقِ، فأمَّا يَمينٌ مُنعقِدةٌ مُحتَرَمةٌ غَيرُ مُكفَّرةٍ فهذا حُكمٌ ليسَ في كِتابِ اللهِ ولا في سُنَّةِ رَسولِه ، ولا يَقومُ دَليلٌ شَرعيٌّ سالِمٌ عَنِ المُعارِضِ المُقامِ، فإنْ كانَتْ هذهِ اليَمينُ مِنْ أيمانِ المُسلمينَ فقَدْ دَخلَتْ في قَولِه تعالَى للمُسلمينَ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾، وإنْ لَم تكنْ مِنْ أيمانِهم بل كانَتْ مِنَ الحلِفِ بالمَخلوقاتِ فلا يَجبُ بالحِنثِ لا كفَّارةٌ ولا غَيرُها، فتكونُ مُهدَرةً.

فهذا ونَحوُه مِنْ دَلالةِ الكِتابِ والسُّنةِ والاعتِبارِ يُبيِّنُ أنَّ الإلزامَ بوُقوعِ الطَّلاقِ للحالِفِ في يَمينِه حُكمٌ يُخالِفُ الكِتابَ والسُّنةَ، وحَسْبُ القَولِ الآخَرِ أنْ يكونَ ممَّا يُسوِّغُ الاجتِهادَ، فأمَّا أنْ يُقالَ: «إنهُ لم يَجبْ على المُسلمينَ كُلِّهم العَملُ بهذا القَولِ، ويَحرُمُ عليهِم العَملُ بذلكَ القَولِ» فهذا لا يَقولُه أحَدٌ مِنْ عُلماءِ المُسلمِينَ بعْدَ أنْ يَعرفَ ما بيْنَ المُسلمينَ مِنَ النِّزاعِ والأدلَّةِ، ومَن قالَ بالقَولِ المَرجوحِ وخَفِيَ عليهِ القَولُ الرَّاجحُ كانَ حَسْبُه أنْ يكونَ قَولُه سائِغًا لا يُمنَعُ مِنَ الحُكمِ بهِ والفُتيا بهِ، أمَّا إلزامُ المُسلمِينَ بهذا القَولِ ومَنعُهم مِنَ القَولِ الَّذي دَلَّ عَليه الكِتابُ والسُّنةُ فهذا خِلافُ أمرِ اللهِ ورَسولِه وعِبادِه المُؤمنِينَ مِنَ الأئمَّةِ الأربعَةِ وغَيرِهم، فمَن منَعَ الحُكمَ والفُتيا بعَدمِ وُقوعِ الطَّلاقِ وتَقليدِ مَنْ نَفَى بذلكَ فقَدْ خالَفَ كِتابَ اللهِ وسُنةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>