للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُقوعِه غيْرَ مُريدٍ لهُ، أو كانَ مُريدًا لهُمَا، فأمَّا إذا كانَ كارِهًا للشَّرطِ وكارِهًا للجَزاءِ مُطلَقًا -يَكرهُ وُقوعَه، وإنَّما التَزمَه عِنْدَ وُقوعِ الشَّرطِ؛ ليَمنَعَ نفْسَه أو غيْرَه ما التَزمَه مِنَ الشَّرطِ، أو ليَحُضَّ بذلكَ- فهذا يَمينٌ.

وإنْ قصَدَ إيقاعَ الطَّلاقِ عِنْدَ وُجودِ الجَزاءِ كقَولِه: «إنْ أَعطَيتِني ألفًا فأنتِ طالِقٌ، وإذا طَهُرْتِ فأنتِ طالِقٌ، وإذا زَنَيتِ فأنتِ طالِقٌ» -وقَصدُه إيقاعُ الطَّلاقِ عِنْدَ الفاحِشةِ لا مُجرَّدُ الحلِفِ عَليها-؛ فهذا ليسَ بيَمينٍ، ولا كفَّارةَ في هذا عِنْدَ أحَدٍ مِنَ الفُقهاءِ فيما عَلمْناهُ، بلْ يَقعُ بهِ الطَّلاقُ إذا وُجِدَ الشَّرطُ عِنْدَ السَّلفِ وجُمهورِ الفُقهاءِ.

فاليَمينُ الَّتي يَقصِدُ بها الحَضَّ أو المَنعَ أو التَّصديقَ أو التَّكذيبَ بالتِزامِه عِنْدَ المُخالَفةِ ما يَكرهُ وُقوعَه، سَواءٌ كانَتْ بصِيغةِ القسَمِ أو بصِيغةِ الجَزاءٍ؛ يَمينٌ عِنْدَ جَميعِ الخَلقِ مِنَ العَربِ وغَيرِهم؛ فإنَّ كَونَ الكَلامِ يَمينًا مِثلُ كَونِه أمرًا أو نهيًا وخَبَرًا، وهذا المَعنَى ثابِتٌ عِنْدَ جَميعِ النَّاسِ العَربِ وغَيرِهم، وإنَّما تَتنوَّعُ اللُّغاتُ في الألفاظِ لا في المَعاني، بل ما كانَ مَعناهُ يَمينًا أو أمرًا أو نهيًا عِنْدَ العَجمِ فكذلكَ مَعناهُ يَمينٌ أو أمرٌ أو نهيٌ عِنْدَ العَربِ، وهذا أيضًا يَمينُ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهِم، وهو يَمينٌ في العُرفِ العامِّ ويَمينٌ عِنْدَ الفُقهاءِ كُلِّهم.

وإذا كانَ يَمينًا فليسَ في الكِتابِ والسُّنةِ لليَمينِ إلَّا حُكمانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>