للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومَن لم يُنَفِّذْ حُكمَهُ قالَ: الغَضبُ يَمنَعُه كَمالَ المَقصودِ وحُسنَ القَصدِ، فيَمنَعُه العلمَ والعدلَ.
لا يَصحُّ القِياسُ على النَّبيِّ ؛ فإنَّه مَعصومٌ في غَضبِه ورضاهُ، فكانَ إذا غَضِبَ لم يَقلْ إلَّا حقًّا، كما كانَ في رضاهُ كذلكَ.
ومَن فرَّقَ قالَ: إذا عَلِمَ الحَقَّ قبْلَ الغَضبِ لَم يَمنَعْه الغَضبُ مِنَ العلمِ، وحِينئذٍ فيُمكِنُه أنْ يُنفذَ الحقَّ الَّذي عَلِمَه، وإذا غَضِبَ قبْلَ الفَهمِ لم يَنفُذْ حُكمُه؛ لإمكانِ أنْ يَحُولَ الغضَبُ بيْنَه وبيْنَ الفهْمِ، وهؤلاءِ يَحتجُّونَ بقَضيَّةِ الزُّبيرِ، وأنَّ النَّبيَّ إنَّما عرَضَ لهُ الغضَبُ بعْدَ فهْمِ الحُكومةِ.
والمَقصودُ أنَّ الغضَبَ إذا أثَّرَ عندَ هؤلاءِ في بُطلانِ الحُكمِ عُلِمَ أنَّ كلامَ الغَضبانِ غيرُ كَلامِ الرَّاضِي المُختارِ، وأنَّ للغَضبِ تأثيرًا في ذلكَ.
الوجهُ الحادِي والعشرونَ: أنَّ وُقوعَ الطَّلاقِ حُكمٌ شَرعيٌّ، فيَستدعِي دليلًا شَرعيًّا، والدَّليلُ إمَّا كتابٌ أو سُنَّةٌ أو إجماعٌ أو قِياسٌ يَستوي فيهِ حُكمُ الأصلِ والفَرعِ، وليسَ شيءٌ منها موجودًا في مَسألتِنا، وإنْ شِئتَ قُلتَ: الدَّليلُ إمَّا نَصٌّ وإمَّا مَعقُولُ نَصٍّ، وكلاهُما مُنتَفٍ، وإنْ شِئتَ قُلتَ: لو ثبَتَ الوُقوعُ لَزِمَ وُجودُ دليلِه، واللَّازمُ مُنتَفٍ، فالمَلزومُ مِثلُه.
الوَجهُ الثَّاني والعِشرونَ: أنَّ نِكاحَ هذا مُثبَتٌ ب «الإجماع»، فلا يَزولُ إلَّا بإجماعٍ مِثلِه، وإنْ شِئتَ قُلتَ: نِكاحُه قبْلَ صُدورِ هذا اللَّفظِ منهُ ثابِتٌ بإجماعٍ، والأصلُ بَقاؤُه حتَّى يَثبُتَ ما يَرفعُه.
الوَجهُ الثَّالثُ والعِشرونَ: أنَّ جُمهورَ العُلماءِ يَقولونَ: إنَّ طلاقَ الصَّبيِّ المُميِّزِ العاقِلِ لا يَنفُذُ ولا يَصِحُّ، هذا قولُ أبي حَنيفةَ ومالكٍ والشَّافعيِّ وإحدَى الرِّوايتَينِ عَنِ الإمامِ أحمدَ اختارَها الشَّيخُ أبو مُحمدٍ، وهوَ قولُ إسحاقَ، معَ كَونِه عارِفًا باللَّفظِ ومُوجَبِه بكَلماتِه اختيارًا وقَصدًا، ولهُ قصدٌ صَحيحٌ وإرادةٌ صحيحةٌ، وقدْ أمَرَ اللهُ سبحانَه بابتِلائِه =

<<  <  ج: ص:  >  >>