للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= يَقتَضِي الفَسادَ، وهوَ اختيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ، وهوَ أحدُ الوَجهَينِ في مَذهبِ أحمَدَ.
وقالَ أبو جَعفرٍ الباقِرُ: لا طلاقَ إلَّا على سُنَّةٍ، ولا طلاقَ إلَّا على طُهرٍ مِنْ غَيرِ جِماعٍ، وكلُّ طلاقٍ في غَضبٍ أو يَمينٍ أو عِتقٍ فليسَ بطَلاقٍ إلَّا لِمَنْ أرادَ الطَّلاقَ.
المَقصودُ أنَّ هؤلاءِ يَشتَرطونَ في وُقوعِ الطَّلاقِ إذنَ الشَّارعِ فيهِ، وما لم يأذَنْ فيهِ الشَّارعُ فهوَ عندَهُم لاغٍ غَيرُ نافِذٍ.
قالَ شَيخُ الإسلامِ: وقَولُهم أصَحُّ في الدَّليلِ مِنْ قَولِ مَنْ يُوقِعُ الطَّلاقَ الَّذي لم يَأذَنْ فيهِ اللهُ ورَسولُه، ويَراهُ صَحيحًا لازمًا.
والمَقصودُ أنَّ أحدًا لَم يَقلْ: إنَّ مُجرَّدَ التَّكلُّمِ بالطَّلاقِ مُوجِبٌ لتَرتُّبِ أثَرِه على أيِّ وَجهٍ كانَ.
الوَجهُ التَّاسعَ عشَرَ: أنَّ هذا مُقتَضَى نصِّ أحمَدَ كما تَقدَّمَ تَفسيرُه «الإغلاق» في روايةِ حَنبلٍ بالغَضبِ، وقالَ عبدُ اللهِ ابنُه في «مَسائِله»: سألْتُ أبي عَنِ المَجنونِ إذا طلَّق في وَقتِ زَوَلانِ عَقلِه أيَجوزُ؟ قالَ أبي: كلُّ مَنْ كانَ صَحيحَ العَقلِ فزالَ عَقْلُه عَنْ صحَّتِه فطلَّقَ فليسَ طلاقُه بشيءٍ.
فهذا عُمومُ كَلامِه وذاكَ خاصُّه، فقَدْ جعَلَ تَغيُّرَ العَقلِ عَنْ صِحَّتِه مانِعًا مِنْ وُقوعِ الطَّلاقِ، ولا رَيبَ أنَّ إغلاقَ الغَضبِ يُغيِّرُ العَقلَ عَنْ صحَّتِه.
الوَجهُ العشرُونَ: أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في صِحَّةِ حُكمِ الحاكِمِ في الغَضبِ على ثلاثةِ أقوالٍ، وهيَ ثلاثةُ أوجُهٍ في مَذهبِ أحمَدَ:
أحدُها: لا يَصِحُّ ولا يَنفذُ؛ لأنَّ النَّهيَ يَقتضِي الفَسادَ.
والثَّاني: يَنفُذُ.
والثَّالثُ: إنْ عرَضَ لهُ الغضَبُ بعْدَ فَهمِ الحُكمِ نفَذَ حُكمُه، وإنْ عرَضَ لهُ قبْلَ ذلكَ لم يَنفذْ، فإنَّ الحاكِمَ يَجبُ أنْ يكونَ عالِمًا عَدلًا.
فمَن نفَّذَ حُكمَهُ قالَ: الغَضبُ لا يَمنعُه العِلمَ والعدلَ، فقَدْ حكَمَ النَّبيُّ للزُّبيرِ في شِراجِ الحَرَّةِ وهوَ غَضبانُ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>