للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ثمَّ مِنهُم مَنِ اشتَرطَ معَ ذلكَ أنْ يكونَ عالِمًا بمَعناهُ، فإنْ تَكلَّم بهِ اختيارًا غيْرَ عارِفٍ بمَعناهُ لم يَلزَمْه حُكمُه، وهذا قَولُ مَنْ يقولُ: لا يَلزَمُ المُكلَّفَ أحكامُ الأقوالِ حتَّى يكونَ عارِفًا بمَدلُولِها، وهذا هوَ الصَّوابُ.
مِنهُم مَنِ اشتَرطَ معَ ذلكَ أنْ يكونَ مُريدًا لمَعناهُ ناوِيًا لهُ، فإنْ لم يَنوِ مَعناهُ ولم يُرِدْه لم يَلزَمْه حكمُه، وهذا قَولُ مَنْ يَشتَرطُ لصَريحِ الطَّلاقِ النَّيةَ، وقولُ مَنْ لا يُوقِعُ الهازِلَ، وهوَ قولٌ في مَذهبِ الإمامِ أحمَدَ ومالِكٍ في المَسألتَينِ، فيَشتَرطُ هؤلاءِ الرِّضا بالنُّطقِ اللِّسانِيِّ والعِلمَ بمَعناهُ وإرادةَ مُقتَضاهُ.
ومِنهمْ مَنْ يَشتَرطُ معَ ذلكَ كَونَ الطَّلاقِ مأذونًا فيهِ مِنْ جِهةِ الشَّارعِ، وهو قولُ مَنْ لا يُوقِعُ الطَّلاقَ المُحرَّمَ، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلفِ مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعِينَ ومَن بَعدَهُم.
وقالَ محمَّدُ بنُ عَبدِ السَّلامِ الخُشَنِيُّ: حدَّثنَا محمَّدُ بنُ بشَّارٍ قالَ: حَدَّثنا عَبدُ الوَهابِ بنُ عَبدِ المَجيدِ الثَّقفيُّ: حدَّثنا عُبيَدُ اللهِ بنُ عُمرَ عَنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمرَ أنه قالَ في الرَّجلِ يُطلِّقُ امرأتَه وهيَ حائِضٌ: «لا يُعتَدُّ بذلكَ»، وحَسبُكَ بهذا الإسنادِ إذا صَحَّ، رَواهُ أبو مُحمدٍ بنُ حَزمٍ قالَ: حدَّثنَا يُوسفُ بنُ عَبدِ اللهِ قالَ: حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ عَبدِ الرَّحيمِ قالَ: حَدَّثنا أحمَدُ بنُ خالدٍ قالَ: حدَّثنَا مُحمَّدُ بنُ عبدِ السَّلامِ، فذكَرَه، وهذا مَذهبُ أفقَهِ التَّابعِينَ على الإطلاقِ سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ، حَكاهُ عنهُ الثَّعلبيُّ في تَفسيرِ «سُورةِ الطَّلاقِ»، وهو مَذهبُ أفقَهِ التَّابعِينَ مِنْ أصحابِ ابنِ عبَّاسٍ، وهوَ طاووسٌ، قالَ عبدُ الرَّزاقِ: عنِ ابنِ جُريجٍ عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ طاووسٍ عَنْ أبيهِ: أنَّه كانَ لا يَرَى طلاقًا ما خالَفَ وجهَ الطَّلاقِ ووجْهَ العِدَّةِ، وكانَ يقولُ: وَجهُ الطَّلاقِ أنْ يُطلِّقَها طاهِرًا مِنْ غَيرِ جِماعٍ، وإذا استَبانَ حمْلُها، وهذا مَذهبُ خلاسِ بنِ عَمروٍ … أنهُ قالَ في الرَّجلِ يُطلِّقُ امرَأتَه وهيَ حائِضٌ، فقالَ: لا يعتَدُّ بهَا»، وهذا قولُ أبي قِلابةَ، قالَ: إذا طلَّقَ الرَّجلُ امرَأتَه وهيَ حائِضٌ فلا يعتَدُّ بها».
وهذا اختيارُ ابنِ عَقيلٍ في كتابِه «الواضِح في أُصولِ الفِقهِ»، صرَّحَ بهِ في مَسألةِ: النَّهيُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>