للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَصَّ أكثرُ أهلِ العِلمِ على أنَّ المُوسْوِسَ المَغلوبَ على عَقلِه لا يَقعُ طَلاقُه؛ لأنَّه في حُكمِ المَجنونِ.

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : طلاقُ زائِلِ العَقلِ.

المَخرَجُ الأوَّلُ: أنْ يَكونَ المُطلِّقُ أو الحالِفُ زائِلَ العقْلِ، إمَّا بجُنونٍ أو إغماءٍ أو شُربِ دَواءٍ أو شُربِ مُسكِرٍ يُعذَرُ بهِ أو لا يُعذَرُ أو وَسوسَةٌ، وهذا المخْلصُ مُجمَعٌ عليهِ بيْنَ الأمَّةِ، إلَّا في شُربِ مُسكِرٍ لا يُعذَرُ به؛ فإنَّ المُتأخِّرينَ مِنْ الفُقهاءِ اختَلفُوا فيه (١).

قالَ ابنُ القيِّمِ : المُوسْوِسُ لا يَقعُ طلاقُه، صرَّحَ بهِ أصحابُ أبي حَنيفةَ وغَيرُهم، وما ذاكَ إلَّا عَدمُ صحَّةِ العَقلِ والإرادةِ منهُ (٢).

وقالَ الإمامُ الشَّافعيُّ : ومَن غُلِبَ على عَقلِه بفِطرَةِ خِلقَةٍ أو حادِثِ علَّةٍ لم يَكنْ سَببًا لاجتِلابِها على نَفسِه بمَعصيةٍ لم يَلزمُه الطَّلاقُ ولا الصَّلاةُ ولا الحُدودُ، وذلكَ مِثلُ المَعتوهِ والمَجنونِ والمُوسوسِ والمُبرسَمِ وكُلِّ ذي مَرضٍ يَغلِبُ على عَقلِه ما كانَ مَغلُوبًا على عَقلِه، فإذا ثابَ إليهِ عَقلُه فطلَّقَ في حالِهِ تلكَ أو أتَى حَدًّا أُقيمَ عَليهِ ولَزمَتهُ الفَرائِضُ، وكذلكَ المَجنونُ يُجَنُّ ويُفيقُ، فإذا طلَّقَ في حالِ جُنونِه لم يَلزمْه، وإذا طلَّقَ في حالِ إفاقَتِه لَزِمَهُ.


(١) «إعلام الموقعين» (٤/ ٤٨، ٤٩).
(٢) «إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان» ص (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>