للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو العبَّاسِ يرَى أنَّ حُكمَها حُكمُ الشَّرابِ المُسكِرِ، حتَّى في إيجابِ الحَدِّ، وهوَ الصَّحيحُ، إنْ أسكَرَتْ أو كَثيرُها، وإلَّا حُرِّمَتْ، وعُزِّرَ فقط فيها في الأظهَرِ ولو طَهُرتْ.

وفرَّقُ أبو العبَّاسِ بيْنَها وبيْنَ البَنجِ بأنَّها تُشتَهى وتُطلَبُ فهي كالخَمرِ بخِلافِ البَنجِ.

فالحُكمُ عِندَه مَنوطٌ باشتِهاءِ النَّفسِ لها وطَلبِها (١).

وقالَ البُهوتيُّ : أو شَرِبَ ما يُزيلُ عَقلَه ولم يَعلمْ أنَّهُ يُزيلُ العَقلَ، أو أَكلَ بَنجًا ونَحوَه ولو لغَيرِ حاجَةٍ؛ لأنَّه لا لذَّةَ فيهِ، وفرَّقَ الإمامُ أحمَدُ بيْنَه وبيْنَ السَّكرانِ، فألحَقَهُ بالمَجنونِ (٢).

وأمَّا المالكيَّةُ فقالَ الخِرَشيُّ : (ص) ولو سَكِرَ حَرامًا، وهل إلَّا أنْ لَا يُميِّزَ أو مُطلقًا؟ تَردُّدٌ.

(ش) هذا مُبالَغةٌ في لُزومِ طلاقِ المُسلِمِ المُكلَّفِ؛ إذْ سُكرُهُ لا يُخرِجُه عنِ التَّكليفِ، فيَلزمُه طلاقُهُ ولو سَكِرَ سُكرًا حَرامًا كالخَمرِ والنَّبيذِ.

أو المِزِرِ أو الحَشيشةِ عِنْدَ مَنْ يَرى إسكارَها، وهذا إذا تَعمَّدَ ذلكَ المُحرَّمَ، أمَّا إذا لم يَتعمَّدْ كظنِّهِ لَبنًا أو ماءً لم يَلزمْه طلاقٌ ولا حَدُّ قَذفٍ، ومَحمَلُه مَحمَلُ المَجنونِ والمُغمَى، ويُصدَّقُ في ظَنِّهِ إنْ لم يُتَّهمْ في دِينِه.


(١) «الإنصاف» (٨/ ٤٣٧، ٤٣٨).
(٢) «كشاف القناع» (٥/ ٢٦٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>