للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما كانَ يُداوِمُ عليه، وما كانَ يَدعُه بالكلِّيَّةِ». ولِلعُلماءِ فيه ثَلاثُةُ أقوالٍ:

قيلَ: إنَّ المُداوَمةَ عليه سُنَّةٌ.

وقيلَ: إنَّ القُنوتَ مَنسوخٌ، وإنَّه كلَّه بِدعَةٌ.

والقولُ الثَّالثُ -وهو الصَّحِيحُ-: أنَّه يُسنُّ عندَ الحاجةِ إليه، كما قنَت رَسولُ اللهِ وخُلَفاؤُه الرَّاشِدونَ (١).

وقالَ في مَوضِعٍ آخرَ: وطائِفةٌ مِنْ أهلِ العِراقِ اعتَقَدَت أنَّ النَّبيَّ لم يَقنُت إلا شَهرًا، ثم تركَه على وَجهِ النَّسخِ له، فاعتَقَدوا أنَّ القُنوتَ في المَكتوباتِ مَنسوخٌ.

وهناك طائِفةٌ مِنْ أهلِ الحِجازِ اعتَمَدوا أنَّ النَّبيَّ ما زالَ يَقنُتُ حتى فارقَ الدُّنيا، ثم منهم مَنِ اعتَقَدَ أنَّه كان يَقنُتُ قبلَ الرُّكوعِ، ومنهم مَنْ كانَ يَعتقدُ أنَّه كانَ يَقنُتُ بعدَ الرُّكوعِ.

والصَّوابُ هو القولُ الثَّالثُ الذي عليه جُمهورُ أهلِ الحَديثِ، وعليه كَثيرٌ مِنْ أئِمَّةِ أهلِ الحِجازِ، وهو الذي ثَبت في الصَّحِيحَينِ وغيرِهما: «أنَّه قنَت شَهرًا يَدعُو على رِعلٍ وَذَكوَانَ وَعُصَيَّةَ» (٢)، ثم تركَ هذا القُنوتَ، ثم إنَّه بعدَ ذلك بمدَّةٍ بعدَ خَيبَرَ، وبعدَ إسلامِ أبي هُريرةَ قنَت، وكانَ يَقولُ في قُنوتِه: «اللَّهُمَّ، أَنجِ الوَلِيدَ بنَ الوَلِيدِ، وَسَلمةَ بنَ هِشَامٍ، وَالمُستَضعَفِينَ مِنْ المُؤمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشدُد وَطأَتَكَ على مُضَرَ، وَاجعَلهَا


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٩٨، ٩٩).
(٢) رَواه البخاري (٢٨٩٩)، ومُسلِم (٦٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>