واختَلَفوا فيما يَقنُتُ به، فاستَحَبَّ مالِكٌ القُنوتَ ب «اللَّهمَّ إنَّا نَستَعينُكَ ونَستَغفِرُكَ ونَستَهديكَ، ونُؤمِنُ بكَ، ونَخنَعُ لكَ، ونَخلَعُ ونَترُكُ مَنْ يكفرُكَ، اللَّهمَّ إياكَ نَعبُدُ، ولكَ نُصَلِّي ونَسجُدُ، وإليكَ نَسعى ونَحفِدُ، نَرجو رَحمَتَكَ ونَخافُ عَذَابَكَ، إنَّ عَذابَكَ بالكُفَّارِ مُلحَقٌ»، ويُسمِّيها أهلُ العِراقِ السُّورَتَينِ، ويُروَى أنَّها في مُصحَفِ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ.
وقالَ الشافِعيُّ وإسحاقُ: بل يَقنُتُ ب «اللَّهمَّ اهدِنا فيمَن هَدَيتَ، وعافِنا فيمَن عافَيتَ، وقِنا شَرَّ ما قَضيتَ؛ إنَّكَ تَقضي ولا يُقضَى عليكَ، تَبارَكتَ رَبَّنَا وتَعالَيتَ»، وهذا يَرويهِ الحَسنُ بنُ علِيٍّ مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ أنَّ النَّبيَّ ﵊ علَّمه هذا الدُّعاءَ يَقنُتُ به في الصَّلاةِ.
وقالَ عَبد اللهِ بنُ داودَ: مَنْ لم يَقنُت بالسُّورَتَينِ فلا يُصلَّى خلفَه، وقالَ قَومٌ: ليس في القُنوتِ شَيءٌ مَوقوتٌ (١).
القولُ الثَّالثُ: لِشَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميَّة وابنِ القَيِّمِ أنَّه يُسنُّ عندَ الحاجةِ إليه.
قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ ﵀: أمَّا القُنوتُ في الصُّبحِ فقد ثَبت في الصَّحِيحِ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه كانَ يَقنُتُ في النَّوازِلِ: «قنَت مرَّةً شَهرًا يَدعُو على قَومٍ مِنْ الكُفَّارِ قتلُوا طَائِفَةً مِنْ أصحَابِه، ثم تركَه»، وقنَت مرَّةً أُخرى يَدعُو لِأقوامٍ مِنْ أصحابِه كانوا مَأسُورِينَ عندَ أقوامٍ يَمنَعُونَهم مِنْ الهِجرةِ إليه، وكذلك خُلفاؤُه الرَّاشِدونَ بعدَه كانوا يَقنُتونَ نحوَ هذا القُنوتِ،
(١) «بداية المجتهد» (١/ ١٨٦، ١٨٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute