للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وقياسُ بعضِ الصَّلواتِ في ذلك على بَعضٍ، أعني التي قنَت فيها على التي لم يَقنُت فيها.

قال أبو عمرَ بنُ عَبد البرِّ: والقُنوتُ بلَعنِ الكفَرةِ في رَمضانَ مُستَفيضٌ في الصَّدرِ الأوَّلِ؛ اقتِداءً برَسولِ اللهِ في دُعائِه على رِعلٍ وذَكوانَ والنَّفَرِ الَّذينَ قَتَلوا أصحابَ بِئرِ مَعُونةَ.

وقالَ اللَّيثُ بنُ سَعدٍ: ما قنَت مُنذُ أربَعينَ عامًا، أو خَمسَةٍ وأربَعينَ عامًا إلا وَراءَ إمامٍ يَقنُتُ.

قالَ اللَّيثُ: وأخَذتُ في ذلك بالحَديثِ الذي جاءَ عن النَّبيِّ أنَّه قنَت شَهرًا أو أربَعينَ يَدعُو لِقَومٍ ويَدعُو على آخَرينَ، حتى أنزَلَ اللهُ عليه مُعاتِبًا: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨]، فتركَ رَسولُ اللهِ القُنوتَ، فما قنَت بعدَها حتى لَقيَ اللهَ، قالَ: فمُنذُ حَمَلتُ هذا الحَديثَ لم أقنُت، وهو مَذهبُ يَحيَى بنِ يَحيَى.

قال القاضي: ولقد حَدَّثَني الأشياخُ أنَّه كانَ العملُ عليه بمَسجدِه عندَنا بقُرطُبَةَ، وأنَّه استَمرَّ إلى زَمانِنا أو قَريبٍ مِنْ زَمانِنا.

وخرَّج مُسلِمٌ عن أبي هُريرةَ «أنَّ النَّبيَّ قنَت في صَلاةِ الصُّبحِ، ثم بلغَنا أنَّه تركَ ذلك لمَّا نَزَلت: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨]»، وخرَّج عن أبي هُريرةَ أنَّه قنَت في الظُّهرِ والعِشاءِ الأخيرةِ وصَلاةِ الصُّبحِ، وخرَّج عنه أنَّه قنَت شَهرًا في صَلاةِ الصُّبحِ يَدعُو على بَني عُصَيَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>