قالُوا: وأمَّا قَولُكم: «إذا اختَلفَتْ عَلينا الأحاديثُ نَظرْنا فيما عليهِ الصَّحابَةُ ﵃» فنَعَمْ واللهِ وحَيَّهلا بِيَرَكِ الإسلامِ وعِصابةِ الإيمانِ ﵃.
فلا تَطلَّبْ ليَ الأعواضَ بَعْدَهمُ فإنَّ قَلبيَ لا يَرضَى بغَيرِهمُ
ولكنْ لا يَليقُ بكُم أنْ تَدْعُونا إلى شيءٍ وتَكونُوا أوَّلَ نافِرٍ عنهُ ومُخالِفٌ لهُ، فقدْ تُوفِّيَ النَّبيُّ ﷺ عن أكثَرَ مِنْ مِائةِ ألفِ عينٍ كلُّهمْ قد رَآهُ وسَمعَ منهُ، فهلْ صحَّ لكُم عَنْ هَؤلاءِ كلِّهم أو عُشرِهِم أو عُشرِ عُشرِهم أو عُشرِ عُشرِ عُشرِهمُ القَولُ بلُزومِ الثَّلاثِ بفَمٍ واحدٍ؟ هذا ولو جَهدْتُم كلَّ الجَهدِ لم تُطيقُوا نقْلَهُ عَنْ عِشرينَ نَفسًا منهُم أبدًا معَ اختِلافٍ عَنهُم في ذلكَ، فقدْ صَحَّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ القولانِ، وصحَّ عَنِ ابنِ مَسعودٍ القولُ باللُّزومِ، وصحَّ عنهُ التَّوقُّفُ، ولو كاثَرْناكُم بالصَّحابَةِ الَّذينَ كانَ الثَّلاثُ على عَهدِهم واحدةً لَكانُوا أضعافَ مَنْ نُقِلَ عنهُ خِلافُ ذلكَ، ونحنُ نُكاثِرُكم بكلِّ صَحابيٍّ ماتَ إلى صَدرٍ مِنْ خِلافةِ عُمَرَ، ويَكفِينا مُقدَّمُهم وخَيرُهم وأفضَلُهم ومَن كانَ معهُ مِنَ الصَّحابةِ على عَهدِهِ، بلْ لو شِئنا لَقُلنا ولَصَدَقْنا: إنَّ هذا كانَ إجماعًا قَديمًا لم يَختَلفْ فيهِ على عَهدِ الصِّديقِ اثنانِ، ولكنْ لَم يَنقَرِضْ عَصرُ المُجمِعِينَ حتَّى حَدَثَ الاختِلافُ، فلَم يَستقرَّ الإجماعُ الأوَّلُ حتَّى صارَ الصَّحابةُ على قَولَينِ، واستَمرَّ الخِلافُ بَينَ الأمَّةِ في ذلكَ إلى اليومِ.
ثمَّ نَقولُ: لَمْ يُخالِفْ عُمَرُ إجماعَ مَنْ تَقدَّمَه، بلْ رأَى إلزامَهُم بالثَّلاثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute