واحدٍ، ثم كانَ ما عَدا صَلاةَ الفَجرِ مَنسوخًا بالتَّركِ، وجبَ أن يَكونَ كذلك حكمُه في الفَجرِ.
فإن قيلَ: هَلَّا كانَ التَّركُ على وَجهِ التَّخييرِ دونَ النَّسخِ، قيلَ له: لأنَّه لمَّا كانَ القُنوتُ مِنْ سُنَّةِ الصَّلاةِ في حالِ ما كانَ يُفعَلُ، دلَّ تَركُه إيَّاه على أنَّه قد خرَج مِنْ أن يَكونَ مِنْ سُننِها؛ لأنَّا وَجَدنا سائِرَ سُننِ الصَّلاةِ لا يَكونُ المُصلِّي مُخيَّرًا فيها بينَ فِعلِها وتَركِها، كسَجدَتَيِ السَّهوِ، والتشهُّدِ، وتَسبيحِ الرُّكوعِ والسُّجودِ، وثَناءِ الافتِتاحِ، فلو كانَت سُنَّةُ القُنوتِ باقيَةً، لَمَا كانَ تَركُه مُباحًا، ألَا تَرَى أنَّ تَركَ القُنوتِ في المَغربِ والعِشاءِ ليس عندَ الجَميعِ على جِهةِ التَّخييرِ، بل على وَجهِ النَّسخِ، فكذلك القُنوتُ في الفَجرِ.
وأيضًا: لو كانَ فِعلُ القُنوتِ مَسنونًا في صَلاةِ الفَجرِ، لَوجبَ أن يَردَ النَّقلُ به مُتَواتِرًا، وأن يَعرِفَه جُلُّ الصَّحابةِ؛ لعُمومِ الحاجةِ إليه، كفِعلِ التشهُّدِ، وتَكبيرِ الرُّكوعِ، والسُّجودِ، فلمَّا وَجَدنا عَبد اللهِ بنَ مَسعودٍ، وعَبد اللهِ بنَ عبَّاسِ، وعمرَ في رِوايةٍ، وابنَ عمرَ ﵃ كانوا لا يَرَونَ القُنوتَ فيها، عَلِمنا أنَّه مَنسوخٌ بتَركِ النَّبيِّ ﷺ إيَّاه.
ولأنَّ ابنَ مَسعودٍ وابنَ عمرَ ﵄ قد رَوَيَا خَبرَ القُنوتِ، ثم رَوى قَتادةُ عن أبي مِجلَزٍ قالَ:«صلَّيتُ خلفَ ابنِ عمرَ ﵄، فلم يَقنُت، فقُلتُ: الكِبَرُ يَمنَعُكَ؟ قالَ: ما أحفَظُه عن أحَدٍ مِنْ أصحابي».
وذكرَ أبو الشَّعثاءِ عنه نحوَ ذلك في صَلاةِ الفَجرِ.
وحدَّثنا عَبدُ الباقي بنُ قانِعٍ قالَ: حدَّثنا علِيُّ بنُ مُحمدٍ قالَ: حدَّثنا أبو الوَليدِ قالَ: حدَّثنا زائِدةُ عن أشعَثَ عن أبي الشَّعثاءِ عن أبيه قالَ: «سُئلَ