قالَ الجَصَّاصُ: رُويَ في أخبارٍ مُستَفيضةٍ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قنَت في صَلاةِ الفَجرِ والمَغربِ والعِشاءِ، ثم رَوى عَبد اللهِ بنُ مَسعودٍ، وأبو هُريرةَ، وعَبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بَكرٍ ﵃ أنَّه تركَه بعدَ فِعلِه.
واختلَفتِ الرِّوايةُ عن أنَسٍ، فرَوى عَمرُو بنُ عُبيدٍ عن الحَسنِ عن أنَسٍ ﵁«أنَّ النَّبيَّ ﷺ ما زالَ يَقنُتُ في صَلاةِ الغَداةِ إلى أن فارقَ الدُّنيا».
وكذلك رَوى أبو جَعفَرٍ الرَّازِيُّ عن الرَّبيعِ بنِ أنَسٍ عن أنَسٍ ﵄.
ورَوى أيُّوبُ عن ابنِ سِيرينَ عن أنَسٍ ﵁ قالَ:«قنَت رَسولُ اللهِ ﷺ في صَلاةِ الفَجرِ يَسيرًا».
ورَوى أبو نُعَيمٍ عن هِشامٍ الدَّستُوَائِيِ عن قَتادةَ عن أنَسٍ ﵁ قالَ:«قنَت رَسولُ اللهِ ﷺ بعدَ الرُّكوعِ يَدعُو على حَيٍّ من أحياءِ العَرَبِ، ثم تركَه، وكانَ يَدعُو على رِعلٍ، وذَكوانَ».
فتَضادَّت أخبارُ أنَسٍ ﵁ في تَركِ القُنوتِ أو فِعلِه إلى أن فارقَ الدُّنيا، فسقطَت كأنَّها لم تَرِد، وبَقيَت لنا أخبارُ الآخَرينَ في تَركِه القُنوتَ بعدَ فِعلِه؛ فوجبَ أن تَكونَ أَولى؛ إذ كانَ آخر فِعلِه ﷺ.
ولمَّا اتَّفق الفُقهاءُ جَميعًا على تَركِ ما رُويَ في القُنوتِ في المَغربِ والعِشاءِ، كان كذلك القُنوتُ في الفَجرِ؛ لأنَّ القُنوتَ فيها كلِّها كانَ في وَقتٍ