قالُوا: وأمَّا استِدلالُكم بحَديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ الَّذي رَواهُ عَبدُ الرَّزاقِ فخَبَرٌ في غايةِ السُّقوطِ؛ لأنَّ في طَريقِه يَحيَى بنُ العلاءِ عنْ عُبيدِ اللهِ بنِ الوليدِ الوَصافِيِّ عَنْ إبراهِيمَ بنِ عُبيدِ اللهِ، ضَعيفٌ عَنْ هالِكٍ عَنْ مَجهولٍ، ثمَّ الَّذي يَدلُّ على كَذبِه وبُطلانِه أنَّهُ لم يُعرَفْ في شَيءٍ مِنْ الآثارِ صَحيحِها ولا سَقيمِها ولا مُتَّصلِها ولا مُنقطِعها أنَّ والدَ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ أدركَ الإسلامَ، فكيفَ بجَدِّهِ؟ فهذا مُحالٌ بلا شَكٍّ.
وأمَّا حَديثُ عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ فأصلُهُ صَحيحٌ بلا شَكٍّ، لكنَّ هذهِ الزِّيادةَ والوَصلةَ الَّتي فيهِ «فقَلتُ: يا رَسولَ اللهِ لو طَلَّقتُها ثلاثًا أكانَتْ تَحِلُّ لي؟» إنَّما جاءَتْ مِنْ رِوايةِ شُعيبِ بنِ زُريقٍ وهوَ الشَّامِيُّ، وبَعضُهُم يَقلِبُه فيقولُ: زُريقُ بنُ شَعيبٍ، وكيفَما كانَ فهو ضَعيفٌ، ولو صَحَّ لم يكنْ فيهِ حُجَّةٌ؛ لأنَّ قولَهُ: «لَو طلَّقتُها ثلاثًا» بمَنزلةِ قَولِه: «لو سَلَّمتُ ثلاثًا، أو أقرَرْتُ ثلاثًا» أو نَحوِه ممَّا لا يُعقَلُ جَمعُهُ.
وأمَّا حَديثُ نَافعِ بنِ عُجيرٍ الَّذي رَواهُ أبو داودَ: «أنَّ رُكانةَ طلَّقَ امرأتَهُ ألبَتَّة فأحلَفَه رَسولُ اللهِ ﷺ ما أرادَ إلَّا واحدَةً» فمِنَ العجَبِ تَقديمُ نافعِ بنِ عُجيرٍ المَجهولِ الَّذي لا يُعرَفُ حالُهُ ألبَتَّة ولا يُدرَى مَنْ هو ولا ما هو على ابنِ جُريجٍ ومَعمَرٍ وعبدِ اللهِ بنِ طاووسٍ في قصَّةِ أبي الصَّهباءِ، وقدْ شَهدَ إمامُ أهلِ الحَديثِ مُحمدُ بنُ إسماعيلَ البُخاريُّ بأنَّ فيهِ اضطِرابًا، هكذا قالَ التِّرمذيُّ في «الجامِعِ»، وذكرَ عنهُ في مَوضعِ آخَرَ أنَّهُ مُضطرِبٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute