للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتارَةً يَقولُ: «طلَّقَها ثلاثًا»، وتارةً يَقولُ: «واحدَةً»، وتارةً يَقولُ: «ألبَتَّة»، وقالَ الإمامُ أحمَدُ: وطُرقُه كُلُّها ضَعيفةٌ، وضعَّفَه أيضًا البُخاريُّ، حكاهُ المُنذِريُّ عنهُ.

ثمَّ كيفَ يُقدَّمُ هذا الحَديثُ المُضطرِبُ المَجهولُ رِوايةً على حَديثِ عبدِ الرَّزاقِ عنِ ابنِ جُريجٍ لجَهالةِ بَعضِ بَني أبي رافِعٍ، هذا وأولادُه تَابعيُّونَ، وإنْ كانَ عُبيدُ اللهِ أشهَرَهم، وليسَ فيهمْ مُتَّهَمٌ بالكَذبِ، وقَد رَوى عَنهُ ابنُ جُريجٍ، ومَن يَقبلُ روايةَ المَجهولِ أو يَقولُ: «رِوايةُ العَدلِ عنهُ تَعديلٌ لهُ» فهذا حجَّةٌ عِندَه، فأمَّا أنْ يُضعِّفَه ويُقدِّمَ عليهِ روايةَ مَنْ هوَ مِثلُه في الجَهالةِ أو أشدُّ فكلَّا، فغايَةُ الأمرِ أنْ تَتساقطَ رِوايتَا هَذينِ المَجهولَينِ ويُعدَلَ إلى غَيرِهما، وإذا فعَلْنا ذلكَ نظَرْنا في حَديثِ سَعدِ بنِ إبراهِيمَ فوَجدْناهُ صَحيحَ الإسنادِ، وقدْ زالَتْ علَّةُ تَدليسِ مُحمَّدِ بنِ إسحاقَ بقَولهِ: حدَّثَني داودُ بنُ الحُصينِ، وقدِ احتَجَّ أحمدُ بإسنادِهِ في مَواضِعَ، وقدْ صَحَّحَ هو وغيرُهُ بهذا الإسنادِ بعَينِه أنَّ رَسولَ اللهِ رَدَّ زَينبَ على زَوجِها أبي العاصِ بنِ الرَّبيعِ بالنِّكاحِ الأوَّلِ ولم يُحدِثْ شَيئًا.

وأمَّا داودُ بنُ الحُصينِ عَنْ عِكرمةَ فلَم تَزلِ الأئمَّةُ تَحتجُّ بهِ، وقدِ احتَجُّوا بهِ في حَديثِ العَرايا فيما شَكَّ فيهِ ولم يَجزِمْ بهِ مِنْ تَقديرِها بخَمسةِ أوسُقٍ أو دُونَها، مَع كَونِها على خِلافِ الأحاديثِ الَّتي نَهَى فيها عَنْ بَيعِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ، فما ذنبُهُ في هذا الحَديثِ سِوى رِوايةِ ما لا يَقولُونَ بهِ، وإنْ قَدحْتُم في عِكرمةَ -ولَعلَّكُم فاعِلونَ- جاءَكُم ما لا قِبَلَ لكُم بهِ مِنَ التَّناقُضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>