قالُوا: وأمَّا استِدلالُكم بحَديثِ فاطمَةَ بنتِ قَيسٍ فمِن العجَبِ العُجابِ، فإنَّكُم خالَفتُموهُ فيما هوَ صَريحٌ فيهِ لا يَقبلُ تأويلًا صَحيحًا، وهوَ سُقوطُ النَّفقةِ والكِسوَةِ للبائِنِ معَ صِحَّتِه وصَراحتِه وعَدمِ ما يُعارِضُه مُقاوِمًا له، وتَمسَّكتُم بهِ فيما هوَ مُجمَلٌ، بلْ بَيانُه في نفْسِ الحَديثِ ممَّا يُبطِلُ تَعلُّقَكم بهِ، فإنَّ قولَه:«طلَّقَها ثلاثًا» ليسَ بصَريحٍ في جمْعِها، بلْ كما تَقدَّمَ، كيفَ وفي الصَّحيحِ في خبَرِها نَفسِه مِنْ رِوايةِ الزُّهريِّ عَنْ عُبيدِ اللهِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ «أنَّ زوْجَها أرسلَ إليها بتَطليقةٍ كانَتْ بَقيتْ لها مِنْ طلاقِها».
وفي لفظٍ في الصَّحيحِ:«أنَّهُ طَلَّقَها آخِرَ ثَلاثِ تَطليقَاتٍ»، وهوَ سَندٌ صَحيحٌ مُتَّصلٌ مثلُ الشَّمسِ، فكيفَ ساغَ لكُمْ تَركُه إلى التَّمسُّكِ بلَفظٍ مُجمَلٍ، وهو أيضًا حُجَّةٌ عَليكُم كما تقدَّمَ.